خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي وشرعية الولاية الهاشمية على القدس الشريف

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. عبدالرحمن امين البلبيسي لقد عاش المسلمون والمسيحيون واليهود على أرض فلسطين بسلام متجاورين بسلام منذ مئات السنين، تربطهم علاقات إنسانية تقوم على الاحترام وحرية المعتقد وحسن الجوار، ولقد اثبتت هذه التجربة رقي الانسان العربي صاحب الأرض التي قامت عليها الحضارات القديمة ونزلت بها الديانات السماوية بأن لا اكراه في الدين بعدما تبين الرشد من الغي، فالدين لله وحده الذي نزل الكتب السماوية وبين طريق الحق للسالكين، الأمر الذي يدل أن حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي ليس دينيا، فالصراع ليس إسلامياً يهودياً ولا مسيحياً يهودياً بل هو صراع بين الكيان الصهيوني العنصري المحتل وبين الأديان السماوية الثلاث. فالديانات السماوية جاءت مكملة لبعضها تهدف الى توحيد الإنسانية على عبادة اله واحد وعلى المحبة والسلام والعدل، ولم يكن من أهدافها حكما سياسيا أو التسلط على شعب وتشريده من أرضه بقوة السلاح، ولم يكن من أهدافها خلق صراع مسلح بين الأديان, بل أن من خلق الصراع بين الأديان هم أعداء الديانات وأعداء السلام. قال تعالى قولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة 136).

لقد صدق هؤلاء العرب فكرة الوسطية وحرية المعتقد في الاسلام والاجتماع على عبادة إله واحد تصديقاً لقوله تعالى:

"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نشْركَ بِهِ شيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (64آل عمران).

تلك هي الأسس التي عم بناء عليها السلام على ارض فلسطين ومحيطها وكُرمت بها إنسانية الإنسان وصيانة دمائه من السفك باسم الله إله المحبة والسلام الذي لا يرضى عن سفك دم الإنسان باسمه.

إن فكرة إسرائيل ماهي إلا فكرة جدلية تحمل في طياتها بذور فنائها انتجها عقل ثيودور هرتزل عام 1896 في كتابه «الدولة اليهودية» وليس لتلك الفكرة أصول دينية توراتيه لكنها تحققت على الارض بمساعدة وعد بلفور عام 1917 بدعم بريطاني، وقد استغل الكيان المعتدي الرموز الدينية المقدسة فأسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام، وصهيون ترمز الى مكان سكنى يهوى اي الله الذي وسع كرسيه السموات والأرض الازل الذي لا يحده حد، أما في الأدب المسيحي فهو يرمز إلى أورشليم السماوية مكان سكنى الأبرار في السماء. كل ذلك يشير إلى أن صهيون ليست مكاناً محدداً على هذه الأرض إنما مكاناً غير مادي في العوالم النورانية.

وانطلاقاً من هذه الحقائق فنحن كعرب ومسلمين لسنا وحدنا في هذه المعركة فمعركتنا هي معركة الإنسانية جمعاء ومعركة الشعوب والأنظمة الحره في كل انحاء العالم، ومعركة اليهود المتدينين المناهضين لقيام دولة إسرئيل، فبينما يسكن فلسطين حوالي ستة ملايين يهودي ليس جميعهم مؤيدين لدولة إسرائيل، يوجد تسعة ملايين يهودي خارج فلسطين يعارض معظمهم قيام دولة إسرائيل وقد قاموا بانشاء حركات يهودية عديدة وناشطة لمناهضة الدولة الصهيونية تثبت للعالم ان دولة الاحتلال ليست يهودية المعتقد ولا الدستور وتثبت الحق الفلسطيني في الأرض وتقر صراحة أن الصراع ليس صراع أديان.

يعتقد البعض أن الصفقات السياسية التي مررت بين دولة الاحتلال والأطراف الاقليمية والعربية المساندة لذلك المشروع يمكن أن تمر مرور الكرام وبأن «صفقة القرن» بما فيها التنازل عن القدس الشريف قد غدت أمراً واقعاً لا رجوع عنه وبأن الشعوب العربية والإسلامية سوف تقبل بهذا الأمر الواقع وتتنازل عن مبادئها العقائدية والقومية والوجودية وتتعايش مع المنظومة الإسرائيلية الجديدة وانبطاح العرب من حلفائها، وهو أمر يتعارض مع عقيدة شعوب المنطقة تجاه القدس وفلسطين، إلا وأنه في ظل الانبطاح العربي الرسمي تجاه صفقة القرن والتخلي عن القدس لم يعل صوت من الانظمة الرسمية العربية غير صوت الملك الهاشمي الذي قال «أنا كهاشمي لن أتخلى عن القدس، كلا للوطن البديل، كلا للتوطين، كلا للتنازل عن القدس، ذلك لن يتم، لن اغير موقفي من القدس وأعلم أنني على حق وأن الشعب معي»، معبراً عما يدور في ضمائر الأردنيين والفلسطينين وما تختزنه ضمائر الشعوب العربية الحرة من المحيط الى الخليج تجاه فلسطين.

وذلك نهج الهواشم أشراف مكة والحجاز الذين حملوا راية العدل والإنسانية منذ ما قبل الإسلام بدفاعهم عن قوافل الحجيج القادمة إلى زيارة الكعبة التي بناها أجدادهم إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام، حيث قال تعالى: وإِذ جعلْنا البيت مثابة للناسِ وَأَمْنًا وَاتّخذُوا مِن مقامِ إِبراهِيمَ مُصلّى وَعهدْنَا إِلى إِبْراهيم وإسماعيل أَن طَهرا بَيْتِيَ لِلطَّائفين والْعَاكفين والرّكع السّجُود (125 البقرة).

وهم من نزل عندهم الكتاب ومنهم ظهر الرسول الكريم محمد (ص) الذي أسرى به الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومن هنا بدأت الولاية الهاشمية على القدس كما كانت على مكة والمدينة المنورة فكان الهاشميون أول من حمل الرسالة الإسلامية ودافعوا عنها وقدموا التضحيات وبقيت لهم مكانتهم كأشراف مكة وبيت المقدس والقائمين على خدمة بيت الله وسقاية الحجيج خلال فترات الدولة العباسية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، وهم من قاد الثورة العربية الكبرى بعد جنوح الحكم العثماني نحو النزعة الطورانية المنحازة للاتجاه الأتاتوركي واضطهاد الشعوب العربية، تلك هي الأسباب التي تجعل من ولاية الهاشميين على القدس ولاية أصيلة ودون أي منافس عربي أو إقليمي تحاول أميركا وإسرائيل إيجاده وتلميعه ليكون بديلاً عن الهاشميين ويوقع بعد ذلك بالتنازل عن القدس الشريف مهما دفع من اموال لضعاف النفوس.

بناء على ما سبق يجب استغلال حقيقة هذا الصراع والتعامل معه على أنه صراع بين الحضارة الإنسانية ودياناتها من جهة وبين كيان عنصري غاصب من جهة اخرى، يعرف الجميع أنه كيان محتل ليس له أية شرعية باعتراف مفكري وعظماء العالم وباعتراف الأمم المتحدة وحتى الشعب اليهودي نفسه، وتوحيد جهود الأحرار في كل العالم المناهضين للمشروع الصهيوني لنجنب منطقتنا وشعوبها الحروب والويلات وحتى تكون جبهة الإنسانية موحدة ضد الشر الإسرائيلي يداً واحدة بما في ذلك جميع القوى القومية العربية والإقليمية وحركات التحرر الإسلامية والمسيحية والعلمانية، وحتى اليهودية المناهضة لإسرائيل لنقف جبهة واحده في وجه المشروع الصهيوني وضد قرار مصادرة القدس والمقدسات وعرقلة اللصوصية المسماة «صفقة القرن» وأن تتوحد جميع تلك الجهود في مجلس مركزي خلف راية الولاية الهاشمية الشرعية التي رفع قائدها راية الممانعة والدفاع عن القدس الشريف ولم ينثن أمام الضغوطات العالمية.

لن تضيع القدس والمقدسات وخلفها شعوب مؤمنة بحقوقها ومطالبة بها، يقودها العقل وتسددها الوسطية، بعيدة عن الانحياز والتطرف، تروم الحق والخير للإنسانية وقيادة وطنية شريفة لا تتخلى عن القدس الشريف وفلسطين.

* باحث – محاضر سابق الجامعة الأردنية

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF