خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الرقابة المالية.... دور الرقابة الإدارية

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. محمد أبو حمور نعني بالرقابة الادارية في الجانب المالي تلك الرقابة التي تمارسها اجهزة السلطة التنفيذية على اعمالها، ومن الطبيعي ان تحرص الحكومة ومؤسساتها على القيام بهذا الدور الذي يشكل جزءاً من وظائف الادارة فهناك، كما هو معلوم، أربع وظائف اساسية للادارة هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، ومن خلال الوظيفة الاخيرة يمكن متابعة اداء المؤسسات والتأكد من مدى تحقيقها للاهداف التي وجدت من أجلها، فالسلطة التنفيذية ومؤسساتها المختلفة معنية بتوفير نظام من الرقابة على اعمالها لكي تكون منسجمة مع الاطر التشريعية ولكي لا تتعرض للمساءلة من جانب السلطتين التشريعية والقضائية، لذلك لا بد ان تضع السلطة التنفيذية نصب اعينها ضرورة وضع الاجراءات اللازمة لحماية الاموال العامة من خلال اتباع السبل الكفيلة بضمان دقة وصحة العمليات المحاسبية وبما يؤدي لتلافي اي اخطاء قبل حدوثها، وهذا يتفق مع التأكيد على ضرورة واهمية الرقابة الداخلية في المؤسسات الحكومية خاصة، نظراً لدورها في تأكيد سلامة ودقة الانشطة المختلفة التي تتم ممارستها من جانب الاطر الادارية والتنظيمية بمختلف مستوياتها.

تتم الرقابة المالية للسلطة للتنفيذية عبر عدة مؤسسات مثل دائرة الموازنة العامة ووزارة المالية ووحدات الرقابة الداخلية ومن خلال اطار تشريعي يتمثل في عدد من القوانين والانظمة والتعليمات من أهمها قانون الموازنة العامة والنظام المالي ونظام الرقابة الداخلية، وسوف نتطرق بشيء من التفاصيل لهذه الاطر المؤسسية والتشريعية ودور كل منها في عملية الرقابة وخاصة رقابة وزارة المالية والرقابة الداخلية، وفي الاطار العام عادة ما يتضمن قانون الموازنة احكاماً تمنع استخدام المخصصات لغير الاغراض المحددة لها، ولا تسمح بعقد اي نفقة او صرف اي سلفة ليس لها مخصصات في القانون وتحظر نقل المخصصات من فصل لاخر الا بقانون وتضبط عملية نقل المخصصات المالية من برنامج لاخر وغيرها من الاحكام.

وفي هذا الاطار تقوم دائرة الموازنة بمتابعة الحوالات والاوامر المالية وتدقيق الموقف المالي الشهري، وغيرها من الاجراءات، أما وزارة المالية فتقوم بالتحقق من ان النفقات تتم في حدود الغايات والمخصصات المرصودة لها وتتابع بشكل شهري انفاق الوزارات والمؤسسات المختلفة.

تستند رقابة وزارة المالية بشكل اساسي الى النظام المالي الذي منح وزير المالية او من يفوضه صلاحية تدقيق السجلات والقيود المتعلقة بتحصيل الايرادات وكذلك مراقبة صرف النفقات والتأكد انه تم بما يتفق مع التشريعات، وكذلك مراجعة حسابات الدوائر ومعاملاتها المالية، كما منح النظام وزير المالية صلاحية تشكيل وحدة رقابة مالية في المؤسسات والوزارات بهدف مراقبة تطبيق احكام النظام المالي والتشريعات ذات العلاقة، وأجاز اناطة هذه المهمة بوحدات الرقابة الداخلية في حال التأكد من قدرتها على القيام بذلك، ونصت التعليمات على عدم جواز قيام الدوائر التي لديها وحدة رقابة مالية بصرف اي مستند قبل تدقيقه واجازته من هذه الوحدة.

وتتبع وحدات الرقابة عادة مديرية الرقابة والتفتيش في الوزارة والتي تعتبر الذراع الرقابي لوزارة المالية، حيث حدد نظام تنظيم وادارة الوزارة مهامها بالتأكد من قيام الوزارات والمؤسسات الحكومية بتطبيق التشريعات المالية ذات العلاقة، وتدقيق النفقات العامة والامانات والسلف والتأكد من صحة تسجيلها وصرفها، تدقيق واجازة صرف النفقات للدوائر غير المستقلة محاسبياً، وتدقيق الايرادات العامة والتأكد من صحة قبضها وتسجيلها وتبويبها، والقيام بعمليات التفتيش الدوري والمفاجئ لمختلف الوحدات المالية في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية بهدف التاكد من سلامة الاجراءات المالية وصحة البيانات المحاسبة وبيان مدى تقيد هذه الجهات بالتشريعات المالية المختلة، اضافة الى التأكد من حفظ الوثائق والمستندات والسجلات المالية التي حددتها التشريعات المالية في اماكن آمنة، ومن تسجيل كافة المعاملات المالية في السجلات الخاصة بها وان الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية تقوم باعداد التقارير المالية الدورية في مواعيدها دون تأخير.

كما تقوم هذه المديرية ايضاً بمتابعة استيضاحات ديوان المحاسبة المتعلقة بالوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية والمشاركة في لجان التدقيق والتحقيق المتعلقة بالمخالفات المالية التي تحدث في مختلف اجهزة الدولة ورفع توصياتها الى الجهة المختصة ومتابعة القرارات التي تتم بشانها، كما تشمل مهامها ايضاً تقديم المشورة الى العاملين في مختلف الوحدات المالية لدى الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية بهدف تمكينهم من تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات المالية المعمول بها واعداد تقارير دورية عن الملاحظات والمخالفات المالية التي يتم اكتشافها خلال عمليات المراقبة والتدقيق والتفتيش ورفعها الى الجهات المختصة متضمنة المقترحات والتوصيات اللازمة بشانها.

يتطلب الحفاظ على الاموال العامة وصيانتها وضمان استخدامها وجبايتها وفقاً لما تنص عليه التشريعات تدابير واجراءات ميدانية قد لا تكون الرقابة الخارجية لديوان المحاسبة او حتى رقابة وزارة المالية قادرة على القيام بها، ومن هنا تبرز أهمية الرقابة الداخلية في مختلف الدوائر والمؤسسات باعتبارها خط الدفاع الاول في منظومة الرقابة المالية، وكلما كانت هذه الرقابة قوية وفاعلة تزداد مساهمتها في الحفاظ على المال العام وترسخ القدرة على ارساء قواعد العمل المؤسسي الفاعل وتمنع حدوث التجاوزات.

كما يعد العمل المتقن للرقابة الداخلية عاملاً داعماً لرقابة الجهات الاخرى ويوفر عليها الكثير من الجهد ويقلص العديد من المخاطر، خاصة اذا كانت وحدات الرقابة الداخلية قادرة ليس فقط على القيام بالاعمال التقليدية مثل تدقيق المستندات وانما ايضاً بتقييم الاداء وتحسين مخرجات الاعمال المختلفة وتوفير البيانات التي يمكن ان تشكل قاعدة لقرارات حصيفة وحكيمة، وبحيث تصبح ليست اداة لاكتشاف الاخطاء والتجاوزات وانما وسيلة لمنع حصولها مسبقاً من خلال عملها كجهاز انذار مبكر يشير الى مواطن الضعف ويعالج الثغرات ويقرع جرس الانذار للمخاطر المحتملة.

تعود فكرة تشكيل وحدات الرقابة الداخلية في الاردن الى بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي حيث تم في حينه اصدار بلاغ من رئاسة الوزراء تضمن اطاراً موحداً لتشكيل وحدات الرقابة الداخلية وتحديد مهامها ومسؤولياتها والهدف العام ونطاق العمل ومجالاته، والموقع في الهيكل التنظيمي، الا ان النقلة النوعية في هذا المجال كانت في عام 2011 عندما تم اصدار نظام الرقابة الداخلية والذي شكل اطاراً تشريعياً متكاملاً حدد منهجية عمل هذه الوحدات واضفى عليها الصفة القانونية ورسم معالم تطويرها ورفع مستواها وتكاملها مع الاجهزة الرقابية الاخرى، وتعزز ذلك باصدار تعليمات معايير الرقابة الداخلية ليعمل بها في كافة وحدات القطاع العام سواء كانت وزارات أو دوائر أو مؤسسات أو هيئات مستقلة مالياً وإدارياً ويسجل للمملكة أنها أول دولة في المنطقة عملت على إيجاد إطار تشريعي للرقابة الداخلية واعتماد معايير الرقابة المالية الدولية في الرقابة على المال العام.

وقد شكل ذلك مساهمة اساسية في توفير نظام رقابي كفؤ وفعال على الاموال العامة يعالج جوانب الضعف والاختلالات في نظم الرقابة على المال العام، وتضمنت التعليمات معايير السلوك الوظيفي، ومعايير الاداء الواجب التقيد بها من قبل وحدات الرقابة الداخلية في الدوائر والوحدات الحكومية والمدققين العاملين في هذه الوحدات، وقد حددت أحكام نظام الرقابة الداخلية عدداً من المهام والواجبات لوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والدوائر والمؤسسات والهیئات العامة لتتمكن من المحافظة على الأموال العامة من التلاعب والتزوير أو الاختلاس وتحقيق الاستخدام الأمثل والاستفادة القصوى من الموجودات والموارد العامة المتاحة من ضمنها التأكد من صحة ودقة القیود والبیانات والمعلومات المحاسبیة والبیانات المالیة والتحقق من فاعلیة العملیات المالیة المتبعة وكفاءتها وحمایة الموارد المالیة والأصول من سوء الاستعمال والتأكد من مدى الالتزام بالتشریعات النافذة للحد من الأخطاء واكتشافها في حال وقوعها والالتزام بالسیاسات المالیة المعتمدة للدوائر والوحدات الحكومیة، كما كلف النظام وحدات الرقابة في الدوائر والمؤسسات الحكومیة إعداد خطة سنویة للتدقیق المالي ورفعها إلى المسؤول الاول في المؤسسة للمصادقة علیها، وكذلك تقدیم تقریر شهري وكلما اقتضت الحاجة عن أعمال الرقابة والانجازات والملاحظات بما في ذلك الملاحظات التي لم تصوب، اضافة الى تقرير سنوي لوزير المالية، والذي يفترض به ان يقدم تقريراً سنوياً لمجلس الوزراء يلخص فيه تقارير الرقابة الداخلية، وبهدف تعزيز قدرة العاملين في الرقابة الداخلية على اداء مهامهم فقد ألزم النظام كافة موظفي الوزارات والدوائر الحكومیة والمؤسسات والهیئات العامة وتحت طائلة المسؤولیة القانونیة، بتسهیل مهمة موظفي وحدة الرقابة الداخلية وتقدیم البیانات والمستندات والسجلات والدفاتر والمعلومات اللازمة لتمكینهم من أداء واجباتهم.

كما انه وحرصاً على مواكبة أحدث التطورات في هذا المجال فقد تم تشكیل لجنة مركزیة لمعاییر الرقابة (اللجنة المركزیة لمعاییر الرقابة الداخلية) لتتولى متابعة تطویر معاییر الاداء والسلوك الوظیفي لوحدات الرقابة المالیة ووضع أسس ومعاییر تقییم اداء وحدات الرقابة الداخلیة وانجازاتها وتصنیف وحدات الرقابة المالیة ودراسة الهیكل التنظیمي والوظيفي لوحدات الرقابة المالیة واعداد ادلة اجراءات اعمال الرقابة المالیة ووضع وتحدیث السیاسات ذات العلاقة وبناء القدرات المؤسسیة لوحدات الرقابة الداخلیة في الدوائر والوحدات الحكومیة.

من الواضح ان الاطار التشريعي للرقابة الادارية، سواءً كانت رقابة وزارة المالية او الرقابة الداخلية، يرسي دعائم صلبة وراسخة لرقابة فاعلة وكفؤة، وكل ما هو مطلوب ان يتم فعلاً لا قولاً الالتزام بالمتطلبات وحسن استخدام الفرص التي يتيحها هذا الاطار لتوفير مؤسسات رقابية على قدر كبير من الاهمية تساهم في تعزيز الحوكمة الرشيدة والشفافية وتساهم في رفع مستوى الاداء.

ولكي تتحقق هذه الغاية لا بد من رفع كفاءة العاملين بشكل مستمر مع مراعاة اختيارهم وفقاً لاسس علمية وبما يتفق مع المهام المكلفين بها، فعندما يتم رفع مستوى كفاءة الرقابة الداخلية وبناء منظومة رقابية قوية ومنضبطة يمكن حينها الاستغناء عن وحدات الرقابة المالية التابعة لوزارة المالية، ناهيك عن اثر ذلك على انتفاء الحاجة للتدقيق السابق وتيسير وتسهيل المهام التي يقوم بها ديوان المحاسبة عبر التدقيق اللاحق، مما يعني تقليص حلقات الرقابة وبالتالي تسهيل وتبسيط اعمال المؤسسات المختلفة ومنحها مساحة اوسع لرفع مستوى الاداء.

لا أحد يستطيع ان ينكر ان هناك بعض جوانب الضعف في انظمة الرقابة المالية، بما في ذلك نقص التأهيل والحاجة لمزيد من التنسيق والتكامل، وتوفير اليات مناسبة لمتابعة نتائج التدقيق، لذلك ولغايات تفعيل دور الرقابة المالية والإدارية بكل مكوناتها من كوادر بشرية ومعدات فنية وأطر تشريعية لا بد من توجيه مزيد من الجهد والاهتمام لهذه الجوانب لنرتقي بالرقابة الى المستوى المأمول ولتشكل مساهمة نوعية في تعزيز الاقتصاد الوطني ورفع سويته.

وهنا لا بد من ايلاء التقدم التكنولوجي اهتماماً خاصاً لمواكبة التغيرات المتسارعة في هذا المجال ولتوظيف التقنية الحديثة في عمليات الرقابة الداخلية لتشكل بذلك داعماً لها وسبيلاً لتطويرها وتفعيلها، كما انه ولغايات تفعيل التواصل مع المواطنين ورفع مستوى الثقة بالاجراءات الحكومية فقد يكون من المناسب القيام بنشر ملخص تقرير الرقابة الداخلية الذي يتوجب على وزير المالية رفعه لرئاسة الوزراء سنوياً وذلك أسوة بتقرير ديوان المحاسبة.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF