كتاب

الاستشراف الملكي وتجلياته

في كل محطة للتصعيد السياسي والأمني في المنطقة كان الأردن ونظامه السياسي وبإشراف وبمشاركة مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يستبق تلك الاحداث من خلال ما عرف عن جلالته من استشراف سياسي وقراءة شمولية بواقع منطقة الشرق الأوسط السياسي والأمني والتحولات البنيوية في داخله كان يستبق بخطوة لو اخذت رؤيته واقتراحاته بعين الاعتبار لتلاشت كثير من الأزمات، ففي لقاء بين جلالة الملك والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس العراقي المستقيل عبد المهدي اقترح الأردن تعاوناً اقتصادياً واستثمارياً استراتيجي الأهداف، وذلك من اجل بعدين اثنين: البعد الأول الاقتصادي وذلك بعد شبه الاستقرار في الجمهورية العراقية من أجل تعاون تنموي يصل في أهدافه الاستراتيجية الى التكامل، أما بعده الاخر وهو البعد السياسي كان من أجل إبعاد العراق عن دائرة النفوذ الإيراني وابقائه في الحاضنة العربية، وإعادته إلى مركز صناعة القرار للأمة العربية، وذلك مما يساهم في استقراره الأمني الداخلي وعدم جعل أرض العراق ساحة للخلاف الإيراني الأميركي، وأيضاً في التأثير على القاهرة من أجل المساهمة المباشرة في الاستقرار الأمني والتوافق بين الفرقاء الليبيين.

الأردن كان على علم من خلال قراءته بأن التطورات والتناغم التركي مع حكومة الوفاق الليبية سيؤدي إلى صدام لا تحمد عقباه بين الأطراف، وأنه قادر من خلال علاقته المتوازنة بين الأطراف المتصارعة على الساحة الليبية واعني هنا الأطراف الدولية تركيا وروسيا ومصر مع ذلك لم تأخذ هذه المبادرات على محمل الجد بالنظر إلى المسارعة في تنفيذها لذلك فإن الأردن لم يفاجأ بالتطورات التي كادت أن تؤدي إلى كارثة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران ويكون العراق ميدانها مما سينعكس على الكل العربي رغم ذلك بادر جلالة الملك في عمق الأزمة بالتحدث للعراق الشقيق وابدائه مساندة لخيارات الشعب العراقي بعدم السماح للأطراف الإقليمية الدولية بأن تحل خلافاتها عسكرياً على أرض العراق، وأن على الحكومة العراقية البدء بحوار حقيقي داخلي يؤدي بالنتيجة إلى الاستقرار وإبعاد شبح التوظيف من قبل تلك القوى أما المقلب الآخر ونتيجة لما آلت إليه الأزمات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، فإن الأردن ما زال يدعو إلى إعادة إنتاج ذلك الحوار، وأن على أطراف الأزمة أن تضع في استراتيجيتها الابقاء على قواعد الاشتباك التقليدية بين الأطراف لأن غير ذلك سيكون كارثياً، وأن الأردن لا يقبل ذلك التوظيف الجغرافي لحل الأزمات على أرض الغير فإنه لن يسمح ولا بشكل من الاشكال استعمال أراضيه من أجل حل الأزمات بين الأطراف الإقليمية والدولية وهذا الكلام موجه بشكل مباشر إلى ايران لأنها ولأول مرة تضع الأردن في دائرة الاستهداف تحت ذريعة الوجود الأميركي من هنا نطلب من الخارجية الأردنية أن تعلن بوضوح أن ما صرح به بعض القادة الإيرانيين غير مقبول ومرفوض رفضاً قاطعاً.