أ.د. محمد الرصاعي
بين جلالة الملك في كلمته أمام البرلمان الأوروبي أنَّ الشباب هم الأكثر عرضة لما يجري في المنطقة والعالم العربي من تبعات الفوضى والحروب وغياب السلام، وأن الأحداث التي تعصف ببلدانهم تجعل حياتهم بلا أمل، ومستقبلهم غامضاً دون طموحات وروئ بعيدة، وآفاق واسعة، كأقرانهم في باقي مناطق العالم.
وتساءل جلالته أمام أعضاء البرلمان «هل نمتلك ترف ترك الشباب في المنطقة يعيشون بلا أمل؟ » وهنا ينوه الملك إلى أنَّ استدامة التوتر وغياب الاستقرار والتنمية، وضياع آمال الشباب وطموحاتهم، وعدم الإسراع في تقديم الحلول، وإنهاء بؤر الصراع، سيدفع الشباب حتماً لولوج مسارات الفوضى والإرهاب والتطرف، الشيء الذي سيعمق النزاعات، ويزيد من لهيب النيران المستعرة في المنطقة.
يتطلع الشباب العربي وكغيرهم من شباب العالم إلى مستقبل يحفل بحياة كريمة، يحصلون فيها على مستويات متميزة من الكرامة والحرية والمساواة، وكذلك فرص التعليم والعمل وتحقيق الذات، والمساهمة في مسيرة الإنسانية في تقدم بني البشر، وتحقيق السلم العالمي، والحد من الكوارث، ومحاربة الآفات والأمراض، وتدعيم رفاه الانسان في العالم.
إنَّ الصراعات وسيادة الاستقطابات في منطقة الشرق الأوسط وانهيار النظام في العديد من الدول سيتسبب حتماً في تشكل جماعات العنف والاقتتال والارهاب، وزيادة أعداد اللاجئين وامتداد تأثير هذه الفوضى نحو دول العالم أجمع، وتحمل تبعات الهجرات وموجات اللجوء واعمال العنف والتدمير وتهديد حياة البشر في كل مكان.
تحذيرات بالغة الأهمية يطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني أمام أعضاء البرلمان الأوروبي ويضع الجميع امام مسؤولياتهم في حفظ السلم العالمي، وردع أطراف النزاع والدول التي تتسبب في إعاقة عملية السلام ووقف الحروب وفي مقدمة هذه الدول الكيان الصهيوني المحتل، كما أنَّ كلمة الملك هي دعوى للدول الأوربية لأخذ دورها في وقف التدخلات لدول عديدة كالولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا حيث تسبب تضارب مصالح هذه الدول وطبيعة تحالفاتها في إعاقة فرص الاستقرار، وزيادة الحروب والصراع والذهاب نحو المصير المجهول لشعوب وأبناء منطقة الشرق الأوسط، وبين الملك أن أوروبا هي الأكثر عرضة لنتائج هذه الصراعات والحروب وما ينجم عنها من تهجير وما تعانيه من تبعات معالجة تنامي الفوضى والعنف.
سيبقى الأردن يجسد صوت العقل والمنطق، وينادي دائماً بنبذ الخلافات، وتعطيل محركات الصراع والعنف، ويطالب بحق الشعوب والمواطنين والشباب بحياة كريمة تسودها قيم الحرية والكرامة والعدالة والمستقبل المشرق.
[email protected]