د. عميش يوسف عميش
لقد اصبح عالمنا العربي بلا عنوان وبلا أفكار. فأمتنا العربية تمر بوضع من التشرذم والانقسام. وظهرت الجماعات الإرهابية التي تستخدم الدين وسيلة لتحقيق مآربها وغيبت المواطنة عنا خاصة جيل الشباب العربي. وضعفت أدوات التواصل الفكرية، وأصبح الحوار سلبياً تخلى عنه الشباب والمثقفون وإرهصت وسائل التواصل والأفكار بوطننا العربي وما يخطر بعقولنا من اقتراحات مستحدثة وتحليلات للوقائع والأحداث.
فالتفكير أحد مميزات البشر وقدرتهم على توليد الأفكار يترافق مع القدرة على الاستنتاج والتعبير عن النفس. وهي ما يتردَّد على العقل البشري ويخطر من آراء بالتأمل والتدبر، من حلول واقتراحات مستحدثة وتحليلات للوقائع والأحداث، فالفكرة هي نتاج التفكير، أهم ميزات البشر، والأفكار هي ما يولد المصطلحات، التي تشكل أساساً لأنواع المعرفة سواءً كانت العلوم أو الفلسفة. تعريف الأفكار يعتمد على المولدات التي يقوم بها العقل عند استقبال حدث ما، حيث يتم بلورة الحدث في اللاشعور إلى فكرة صريحة يتم إهمالها في العقل الباطن إلى أن تتولد فكرة جديدة أو حدث معين يظهرها في ثوبها الجديد، ومجموعة أفكار الإنسان هي التي تتحكم بسلوكه وتصرفاته. وتأثير قوة الفكر في حياتنا تعتمد على الخبرة الفعلية في حياة افراد مجتمعنا، وهناك انواع من الأفكار السلوكية والنفسية، وأفكار تتولد نتيجة اكتساب الفرد لمجموعة الخبرات في حياته العملية. أما التغيرات النفسية التي تتحول لأمراض نفسية فهي الأفكار التي تقهر حياة الفرد وتحوله إلى مريض نفسي.
لقد آن الأوان لإنساننا العربي أن يتحكم في مدى تأثير الفكر بحياته. وللأسف أصبح عالمنا العربي لا يعنيه معظم سلبيات حياته وكانه اصبح بلا أفكار عقلانية. وامتنا أصبحت بلا عنوان وأعني الرمز. أتحدث هنا عن هويتنا العربية الجامعة ورمزها والمثال الذي توصف به. ومن الأهمية أن نعود لهويتنا العربية العظيمة الجامعة وليست الضيقة ولا بد لنا كأمة عربية التأكيد على الهوية المشتركة ومنع تدمير هويتنا العربية من قبل الهويات التعصبية وضرورة الربط بين استقلالية الرأي واستحضار المعايير العالمية في سياق تطبيقها في المنطقة العربية تطبيقاً مدروساً مستذكراً أن الحروب الكونية الكبرى، التي كانت في أساسها حروباً أهلية، دفع ثمنها العرب، ولا يزالون يدفعون ثمن حريتهم بسبب إقحام المنطقة في الصراعات على حساب حقوقنا وخسرنا اقاليم كثيرة. وأن الحقد على الهوية العربية أصبح الأساس لبناء كيانات الكراهية وعلينا تقديم مفاهيم الخير على أرض الواقع.
إن عملية الإصلاح خاصة التربوي والاجتماعي، تحتاج لتوفير القاعدة المعرفية للكفاءات العربية، إذ ثمة معاناة شديدة بسبب غياب المعرفة وغياب الأولويات. وعلينا استكمال المعرفة بالفكر وتوظيفها وتكييفها لخدمة مستقبلنا، وفي هذا السياق لا بدّ من استراتيجية عربية للتواصل فيما بيننا أولاً وثم العالم الخارجي لنعيد الامجاد العظيمة لامتنا.