بكل الظواهر الاجتماعية والتي تبرز خلال التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن العنف المجتمعي إذا تحول إلى ظاهرة اجتماعية فإنه يعد من أخطر الأمراض الاجتماعية، وخاصة عندما يكون الوطن تحت الاستهداف والضغوط فذلك لأسباب عدة أهمها أنه أكثر الظواهر قابلية للتوظيف الخارجي من خلال ركوب موجة الشحن الانفعالي العصبوي ويشتت ويفتت المرجعية الوطنية لصالح الانتماءات الثانوية والهامشية ويجعلها مركزية في الوعي الاجتماعي وتصبح هي الأداة المحددة لذلك الوعي وتفرز المجتمع قصراً إلى ولاءات هامشية كما اسلفنا من هنا فأننا لا نتفق مطلقاً من يعتبر أن أي صدام مجتمعي مهما كان عنوانه أو محفزات وجوده لا يمكن أن نطلق عليه ظاهرة اجتماعية، وخاصة في وطننا الأردني الحبيب السبب في ذلك أن النظام السياسي وفي مسيرة إصلاحه السياسي وخاصة في الورقة السادسة اعتمد على مخاطبة الوعي الاجتماعي تحت إطار أن المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص هي خطوط حمراء في التعامل مع كل فرد وجماعة وتكوين مؤسساتي أهليا كان أم رسميا.
وهنا قد أصاب جلالته بالضبط أو بشكل دقيق الأسباب الحقيقية التي تستعمل كمحفز وشاحن ومجيش للعنف الاجتماعي القائم على عدم العدالة والمساواة في المكتسبات الفردية والاجتماعية، لكل البنى التكوينية والبنائية لوطننا الحبيب، من هنا قلنا أن العنف الاجتماعي لا يمكن أن يرقى إلى مستوى ظاهرة اجتماعية لأن أسس تكوينه أو وجوده أو انتقاله من الفردية إلى الظاهرة، في سياق منهجية الإصلاح السياسي التي يتبعها النظام السياسي الأردني من خلال حربه الحاسمة ضد الرجعية السياسية أو ما يطلق عليها اليوم بمصطلح قوى «الشد العكسي» وهذا هو ما أبقى كل ظواهر العنف محصورة في بوتقة الشحن الانفعالي الفردي والتي لا يمكن أن ترقى بأي شكل من الأشكال إلى مستوى الظاهرة الاجتماعية، فالظاهرة الاجتماعية تعرف من خلال تبنيها المطلق من قبل المجتمع ككل وتكون بذلك أساساً في الوجود الواقعي لهذا الوعي، فالشعب الأردني وقواه المحركة الشعبية والأهلية والرسمية وعلى رأسها النظام السياسي الأردني على وعي حقيقي بأن تحول الشحن الانفعالي الفردي إلى ظاهرة اجتماعية سيسمح بالضرورة إلى إيجاد ثغرات ومواطىء خلل يتسرب من خلالها التوظيف الخارجي معتمداً على تلك الظاهرة للتحصيل والاكتتاب السياسي، وهذا بالضبط ما يجعل كل أشكال العنف الاجتماعي تتمحور حول العصبوية الفردية ولا يمكنها أن ترتقي بأي شكل من الأشكال إلى مستوى الظاهرة، ان هذه الرسالة أعنونها الى كل من يحاول العبث في الوحدة الوطنية وفي التكامل الاستثنائي بين النظام السياسي والمواطن الأردني أولا والتكوينات الاجتماعية العظيمة والتي تعتبر أن الانتماء إلى العشيرة أو القبيلة أو الإقليم هو انتماء اجتماعي بحت لا يمكن أن يحوي في طياته أي أبعاد سياسية أو عصبوية مقيتة.
مواضيع ذات صلة