ليس من المستغرب أن تقرأ اللقاءات الأخيرة بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في القاهرة على أنها مصالحة بينية لقوى مقاومة مسلحة الأكثر تأثيراً في غزة، وذلك نتيجة لأسباب عدة أهمها: بروز خلاف سطحي بين الحركتين اثناء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع، وأيضاً مناقشة ملف التهدئة التي ثبتتها حركة حماس مع الكيان الصهيوني من خلال الوساطة المصرية والتي عرفت تحت عنوان تفاهمات أو اتفاقات بعدم التصعيد طويل الأمد وهو ما كسرت قواعده كالعادة حكومة نتانياهو، أيضاً موافقة حركة حماس على الانتخابات الفلسطينية المقبلة والتي طرحتها السلطة الفلسطينية والسبب الأهم من كل ذلك هو بروز حركة الجهاد كجزء لا يتجزأ في أي عملية تهدئة أو تفاهمات مع الكيان الصهيوني وأنه لا بد من التنسيق معها حول الملفات وهذا ما جسدته حركة الجهاد من خلال قراءة دقيقة لتطور جناحها العسكري، والذي اثبت فعالية حقيقية وساهم في عدم استفادة الكيان الصهيوني من هذا التصعيد والذي كان يهدف الى إيجاد شرخ بين الفصائل الفلسطينية المسلحة من جانب وبين الاصطفافات السياسية وبوادر توحد خلف مشروع الانتخابات الفلسطينية القادمة، أما عن الجانب الصهيوني فكان يصبو إلى توظيف ذلك العدوان من أجل الوصول إلى الهدف الاستراتيجي وهو إعادة تموضع الليكود على قمة الحكومة القادمة وهذه الأهداف فشلت تماماً إضافة الى محاولة تغيير قواعد الاشتباك من خلال الاستفراد من كل تنظيم مسلح على حدى، أما على صعيد الضفة فان المطالبات تزداد سخونة من أجل التصعيد الدبلوماسي والسياسي ضد الكيان الصهيوني وضد استمرار التنسيق الأمني بين السلطة والكيان الصهيوني.
إن كل ذلك بدأ يراكم لدى الوعي الجمعي الفلسطيني استعداداً لجولة قادمة من المواجهات يرى الكثير من المراقبين أنها سترتقي إلى مستوى انتفاضة جديدة ولكنها مزدوجة الأهداف، أي أنها ستكون انتفاضة مطلبية ضد السلطة وسياسية ضد الاحتلال الصهيوني، لأنها لن تستطيع أن تستمر بعمل ضبابي وسلمي دون نتائج ملموسة تنعكس على الواقع المعاشي من جانب وتكسر الجمود السياسي من جانب آخر، علاوة على تأثرها غير المباشر في النوع الجديد من الاحتجاجات ربما يطلق عليها انتفاضات «الربيع العربي» في نسختها الثانية والتي تندلع دون توقف في لبنان والعراق والجزائر، إذن فهذه الانتفاضة ستأخذ أبعاداً جديدة كون أهدافها تراكم وتكامل بين السياسي والمطلبي من أجل خلط الأوراق من جديد ومحاولة إعادة البوصلة إلى القضية الفلسطينية كقضية مركزية ومحاولة وقف الهرولة اتجاه التطبيع واجهاض مشروع وزير الخارجية الصهيوني كاتس والقائمة على توقيع اتفاقيات عدم اعتداء بينها وبين دول الخليج والذي يرفضه الأردن رفضاً قاطعاً.
مواضيع ذات صلة