في الدفتر الذي يمسكه الملك ترتسم ملامح رؤية جديدة تجاه المستقبل، بينما في أي دفتر آخر تتجمع التفاصيل تجاه إيجاد حلول سريعة وعاجلة دفعها الملك لموقع الأولوية أمام الحكومة، فالملك يقف بجانب شعبه وفق ما أقره في لقاء سابق مع أبنائه من الشباب وهو يحثهم على ممارسة الضغط معه على الحكومة وأذرعها وأدواتها.
تجاوز الأردن مرحلة صعبة من تاريخه، وما زالت بعض آثارها الارتدادية وتوابع زلازلها تؤثر عليه، وأمام تحديات جسيمة كانت نظرية الضغط تعمل لإرشاد الحكومة أحياناً، ووضعها أمام مسؤولياتها في أحيان كثيرة، ولذلك لا يمكن أن تعتبر أحداث الرابع في العام الماضي سوى تطبيق فعلي لخصوصية الأردن وطبيعة العلاقة بين الملك والشعب في منظومته، بل وتشاركهم في المنشط والمكره والعسر واليسر، واليوم ورئيس الحكومة يجاور الملك تحضر أمامه المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقه والملك يلتقي مع جمع عزيز من أبناء شعبه في حديث من القلب إلى القلب لا يمكن تلطيفه أو تحويره.
تقف فكرة مجلس بسمان لتقدم أردناً حقيقياً قوامه شخصيات مسؤولة عايشت الهموم والتحديات، تعتبر الميدان أرضها الصلبة ولا تتهرب من صعوباته ومشاكله، وتمتلك من الوعي والنضج الوطني والسياسي ما يجعلها تترفع عن المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي لتقدم حديثاً موزوناً يليق بحضرة الملك، والكلام في مجلس بسمان ليس مرسلاً أو مطلقاً على عواهنه، ولكنه خلاصة استعداد من الحضور لوضع خلاصة فكرهم وتصورهم المدعم بالبحث والتقصي، ويقترب من المشكلة من أقرب نقطة ممكنة.
يفضل الملك أن يتعامل مع الحقائق من مصادرها، وينتقل في أنشطة مرهقة في مختلف أنحاء الأردن، ويترك الفرصة لحديث عفوي دون أي تحضير كما نشاهده يصغي لسيدة عجوز أو شاب في مقتبل العمر من بين من يصطفون لمصافحته، ويعطي الفرصة للاطلاع على الآراء من قادة المجتمع وصناع الرأي في مجلس بسمان الذي يتقدم دوره ليصبح أحد أدوات الضغط الذي يريده الملك لتحفيز أقصى درجات الاجتهاد والتفاني.
ويضيف سطوراً من الأردنيين في دفتر المستقبل الذي يخطه الملك.
