أ.د. محمد الرصاعي
يدرك الجميع أن التعليم في الأردن هو بمثابة قاطرة التنمية ومؤشر أساسي لإمكانية نهضة جميع قطاعات ومؤسسات الدولة، حيث يرتكز التخطيط في جميع أبعاد التنمية في دولة كالأردن إلى تطوير قدرات الموارد البشرية في ظل ضعف الموارد الطبيعية.
وقد بدأت مؤخراً تخيم مخاوف من ضعف مساهمة الموارد البشرية في التنمية المحلية، وتشكلت هذه المخاوف بسبب نتائج بعض المؤشرات والمقاييس ذات الدلالة في مجالات التنمية الاقتصادية، فقد تراجع أداء طلبة الأردن في الاختبارات الدولية التي تعنى بقياس قدرات الطلبة عالمياً في مجالات القراءة والعلوم والرياضيات، حيث أفادت نتائج هذه الاختبارات تراجع أداء طلبة الأردن بشكل واضح قياساً لنتائج دول العالم التي تخضع لهذا الاختبار، ويعتبر الكثيرون نتائج الاختبارات الدولية بمثابة مؤشرات حقيقية لفرص التنمية، ونعلم مدى الارتباط بين نجاح النظام التعليمي وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة. ومن الاختبارات المهمة في هذا السياق اختبار بيزا (البرنامج الدولي لتقييم الطلبة)، ويشرف عليه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتعقد اختبارات البرنامج في مجالات القراءة والعلوم والرياضيات كل ثلاث سنوات ويتم التركيز على المعرفة في هذه المجالات والقدرة على توظيفها في الحياة المعيشية للطلاب، ويستهدف الاختبار الطلبة في عمر (15) سنة، ويقدم الاختبار دلالات على جودة برامج التعليم الذي تلقاه هؤلاء الطلبة في الفترات السابقة، كما تعد نتائج الاختبار مؤشراً يتنبأ باستعداداتهم لخوض غمار الحياة والتعامل مع مشكلاتها في مستقبلهم.
قبل أيام قليلة أعلنت المنظمة المعنية باختبار «بيزا» نتائج دورة (2015-2018) حيث شارك (600) ألف طالب وطالبة من (79) دولة تمثل ما يزيد على (90)% من الاقتصاد العالمي ومن بين هذه الدول (6) دول عربية هي الأردن والسعودية ولبنان والمغرب وقطر والامارات، وقد بينت النتائج تحسناً واضحاً لأداء طلبة الأردن فقد تقدم ترتيبهم (18) رتبة في الرياضيات و(7) رتب في العلوم و(10) رتب في القراءة، ووفقاً للمركز الوطني لتنمية الموارد البشرية تصدر الأردن قائمة الدول الست التي أظهرت تحسناً في العلوم، والمركز الثالث بين الدول التي تحسن أداؤها في الرياضيات، وفي القراءة كان ينقص الأردن درجة واحدة ليكون ضمن قائمة الدول الأربع التي أظهرت تحسنا مهماً.
استعادة طلبة الأردن مواقع منافسة في سلم ترتيب طلبة العالم في اختبار «بيزا» ومواقع متقدمة قياساً إلى دول العالم العربي يحتاج قراءة متأنية، وإجراء تحليل موضوعي لهذا التغير الإيجابي، كما أن وزارة التربية والتعليم ووزارات أخرى معنية كوزارة التخطيط يترتب عليها أدوار البناء على هذا المنجز وتحفيز مؤسسات التعليم نحو مزيد من التقدم في الإنجاز التعليمي، ودعم التوجهات التي تسهم في رفع سوية النظام التعليمي وتجويد مخرجاته، وفي مقدمة هذه التوجهات بناء المناهج التعليمية المنسجمة مع التفكير وتوظيف التعلم في أنشطة الحياة، وتأهيل المعلمين وتطوير قدراتهم، كما أنَّ حيازة الأردن مراكز متقدمة في مؤشرات التعليم يجب أن يصبح هدفاً مجتمعياً يحرص الجميع على تحقيقه من الطلبة وذويهم والمعلمين والمؤسسات الوطنية.
[email protected]