كتاب

الموازنة من الجباية الكمية إلى الاستثارة التنموية

أي مراقب يلمس آثار انغماس الدولة وليس الحكومة فقط، في عملية تحفيز واستثارة النمو الاقتصادي والتي تمحورت حول الموازنة المرتقبة والاطمئنان الداخلي إزاء نمط التوجهات الحكومية ونتائج ملموسة ومحسوسة لخطة الحكومة للتحفيز ولتشجيع واستثارة النمو الاقتصادي وهذا ما برز من خلال زيادة نمو الصادرات وافتتاح أسواق جديدة بنسب هي الأكبر منذ سنوات ونمو ملحوظ واستثنائي في القطاع السياحي والذي يحسب بشكل عام لصالح الحكومة وبشكل خاص الى وزيرة السياحة المثابرة مجد شويكة، والتطور الملحوظ أيضا في القطاع الزراعي والخدمي كل ذلك جاء بكل وضوح من خلال الانغماس الملكي في الاشراف على حزم الإجراءات ومتابعة تنفيذها ودعمها من خلال المبادرة الملكية لحماية وشفافية واستقلالية الاقتصاد الوطني والتي اعتمدتها الحكومة كخارطة طريق لتنفيذ برنامجها.

وجاءت النتائج الإيجابية جدا للجمعة البيضاء الأخيرة في تحريك غير مسبوق للركود المزمن للأسواق رغم تهميش القطاع التجاري من الحزم الحكومية مرحليا كما نوه بعض المسؤولين لتصب في لائحة الايجابيات.

كل ذلك يوحي بأن الحكومة تسير على الطريق السليم في الخروج من نهج الجباية والارتكان على فتات وشروط المساعدات والمنح الخارجية الى الاستثارة التنموية والتحفيز الاستثماري كمحور أصيل للاستقلال الاقتصادي والسياسي للوصول إلى شبه اكتفاء ذاتي يعطي الأردن مساحة أوسع في التعامل مع الأزمات الإقليمية وانعكاساتها الاقتصادية والتنموية والسياسية أيضا ان الإجراءات الإدارية والأمنية أدت إلى انخراط حتى الأجهزة الأمنية في عملية التحفيز والتجييش نحو النمو الاقتصادي والذي طال أيضا كل مرتكزات النظام السياسي وتوظيفها من اجل دعم مشروع الحكومة وهو ما انعكس مباشرة على النتائج الأولية الإيجابية لمشروع التحفيز الحكومي.

كل ذلك سينعكس في إطار الموازنة المرتقبة القائمة على برنامج تقشفي تكون فيه الموازنة خالية من الضرائب الجديدة ورفع الأجور والرواتب للمدنيين والعسكريين ووقف التعيينات في الدوائر الحكومية

لقد قدرت الحكومة أن العجز الأولي في الموازنة، 2.3%، وهو أقل من العجز المعاد تقديره في موازنة 2019، البالغ نسبة 3.1%. وتوقعت أيضا في موازنة 2020، إيرادات عامة، تبلغ نحو 8.561 مليار دينار، مقابل نفقات تبلغ 9.808 مليار. الأهم من كل ذلك هي الخطوة الأكثر جراءة للحكومة في زيادة الإنفاق الرأسمالي، بنسبة 33%، في موازنة 2020، مقارنة بالمعاد تقديره في موازنة 2019. وهي تحدث لأول مرة منذ سنوات، وهي بلا شك ستكون صعبة وستتطلب توازنا حقيقيا بين أولوياتها وآليات تنفيذها باشراك مباشر وقانوني للقطاع الخاص وهذا يتطلب كما أعلنت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب البدء بحوارها العميق لقوننة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.