أ.د. محمد الرصاعي
التوجهات الجديدة لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي أعلن عنها الدكتور محي الدين توق بخصوص التعليم التقني وزيادة نسبة الطلبة الملتحقين بهذا المسار استجابة للرؤى الملكية والتوجهات الحكومية وبما ينسجم مع oطة تنمية الموارد البشرية تحتاج وضع إستراتيجية عمل وإجراءات تعمل بالدرجة الأولى على تعديل التصورات الكامنة لدى الطلبة حيال هذا المسار، إضافة لتوجيه الجامعات للبدء في تصميم الخطط والبرامج المناسبة للتعليم التقني، والأهم في هذا المجال تبني استراتيجيات ونظم تعليمية تراعي طبيعة هذا المسار ودمج التقانة وهناك تجارب أردنية رائدة في جامعات ومؤسسات تعليمية أردنية كجامعة الحسين التقنية والجامعة الألمانية الأردنية.
التفكير الراهن حول أغراض التعليم المهني التقني لدى خبراء التعليم يقوم على ثلاثة مرتكزات هي المصلحة الوطنية، والعدالة، والتنمية البشرية، وتتحقق المصلحة الوطنية في هذا السياق من إعداد أفراد قادرين على سد الفجوة في حاجتنا لعمالة مؤهلة لشغل الوظائف الجديدة في العصر الرقمي وتقنيات الروبوت، كما أنَّ العدالة تنجز عندما نعيد التفكير في آليات توجيه الطلبة نحو التعليم المهني، والتحول عن أنَّ الطلبة ضعيفو التحصيل هم فقط من يذهبون في مسار التعليم المهني، الشيء الذي يتطلب تهيئة دوافع قوية لتوجيه الطلبة الموهوبين نحو هذا المسار.
وتصب جميع متطلبات التعليم المهني التقني ذي التوجهات الحديثة في خانة التنمية البشرية، حيث يسعى منظرو التعليم المهني إلى تأهيل عمالة تتسلح بمهارات وكفايات جديدة وعديدة كمهارات تنظيم الموارد والعمل الجماعي، نقل المعلومات واستخدام الحاسوب في معالجتها، اختيار التكنولوجيا المناسبة، استيعاب وتصميم أنظمة جديدة. الغالبية العظمى من طلبتنا على مقاعد الدراسة في مرحلتي التعليم المدرسي والجامعي تنحصر كفاياتهم في الجانب الأكاديمي المعرفي ولا يكتسبون مهارات مهنية تقنية ولو في الحدود الدنيا، وهو ما سيتسبب في فجوة مهنية كبيرة في السنوات القادمة، حيث سيكون هناك حاجة كبيرة لمهنيين يوظفون التقنيات الحديثة في مجالات العمل المتنوعة، وفي ذات الوقت يرى خبراء التعليم المهني أن لا يقتصر محتوى مناهج التعليم المهني على الجانب المهاري الجسدي فحسب بل يدعون إلى التوسع في تعليم الرياضيات والعلوم في التعليم المهني استناداً إلى أنَّ فرص العمل في المستقبل القريب ستتركز في مجال التكنولوجيا المتطورة، وأننا بحاجة إلى عقول تحليلية أو تركيبية يمكن أن تقدم حلولا مبتكرة للمشكلات التي تواجهنا في المستقبل.
حصيلة التفكير في الماهية التي يفترض أنَ يكون عليها التعليم المهني ترجح أنَّ يكون هناك تكامل وانسجام بين التعليم المدرسي والتعليم الجامعي بخصوص المحتوى والمهارات، إضافة إلى تحقيق درجة الاحترام الكافية لمسار التعليم المهني التقني من خلال توجيه الطلبة المبدعين والموهوبين نحو هذا المسار، ويكتمل هذا التقدير بواقع الفرص والأجور العالية للمهن في سوق العمل المحلي والعالمي. التدريب المستمر وامتلاك مستجدات العلوم والتكنولوجيا سيعزز فرص أدوار جديدة لمؤسسات التعليم في مواصلة ارتباط الخريجين بهذه المؤسسات التي تخرجوا فيها من أجل المحافظة على مستوى منسجم من المهارات والمعارف مع مستجدات العصر الرقمي والمهن الجديدة.
ما نغفل عنه عادة في التعليم المهني أن حجر الزاوية في التعلم في هذا السياق هو بناء الاتجاهات نحو العمل المهني وتأسيس قيم العمل، إلى جانب مهارات التواصل والعمل الجماعي، إضافة إلى تحديد خصوصية المهن في الدولة أو الهوية المهنية للدولة التي ينبغي التخطيط ضمن الإطار الذي تحدده هذه الهوية.
كثير من هذه الأفكار والمستجدات في التعليم المهني التقني تشكل محلياً فلسفة إنشاء جامعة الحسين التقنية التي نأمل أن تقود مسيرة التحول في التعليم بما ينسجم والتوجهات الجديدة في مجال المهن والتقانات الحديثة وكذلك الإبداع والابتكار والحلول غير التقليدية.
[email protected]