د. فايز الربيع
احاول في هذا المقال ان ألملم بعض الذكريات علماً بأن كل ما اكتبه هو من الذاكرة وليس مكتوباً لأن القاعدة أنك تصنع التاريخ ثم تكتبه لا أن تكتب تاريخاً ليس له أصل في الواقع فبعد عقد اللجنة العليا المشتركة التي تعقد لاول مرة بين البلدين و كان يرأس الحكومة في حينها المرحوم سيادة الأمير زيد بن شاكر، وقعنا عددا من الاتفاقات كان اغلبها لصالح اليمن، وأمن اليمن ففتحت اسواقها للبضائع الأردنية، بما فيها الأدوية، و بلغ عدد المرضى الذين عولجوا في الاردن في عام ١٩٩٤ حوالي (٨٦) الف مريض، لم يكن هناك صادرات من اليمن باستثناء الأسماك، وأصبحت الاردن مركزاً لتدريب الموظفين اليمنيين سواء الدورات الممولة من اليمن أو من المنظمات الدولية، بما فيه التدريب الخاص بالقوات الأمنية والشرطية والعسكرية، لأن منسوب الثقة بالأردن كان عالياً، وكان الرئيس اليمني عندما يتحدث عن المرحوم الملك الحسين يقول (سيدنا)، و كان لا بد من تغيير البعثة العسكرية التي كان قوامها عشرين طبيباً وممرضاً، فجاءت بعثة جديدة كانت تداوم في المستشفى الجمهوري وتعالج الحالات الكثيرة، وتحول إلى الأردن الحالات التي لا يستطيعون علاجها في اليمن.
سأذكر هنا أسلوب العمل الذي اتبعته في السفارة فقد كنت اجمع الجالية الأردنية الموجودة في صنعاء، في البيت، ويأتي أعضاء السفارة بما فيه مدير «الملكية»، ويقف أعضاء السفارة مقابل الجالية، وأقول لهم هؤلاء أعضاء السفارة وكان طاقم السفارة مكتملاً من خارجية وصحة وصناعة وتجارة وثقافية، أقول لهم هؤلاء إخوانكم أي مشكلة لديكم اطرحوها مباشرة.
طلبت الأردن من اليمن في حينه تزويد قطاع غزة بمليون ونصف المليون طن من النفط اليمني لحل مشكلة الطاقة في قطاع غزة، افتتحت نادياً للجالية الأردنية مقابل السفارة، وعملت ترتيبا عممته الخارجية في حينه على السفارات ملخصه أن المراجع يعبئ نموذجا في الاستعلامات لماذا حضر وعند من ورقم هاتفه وعنوانه هذا النصف الأول أما النصف الثاني فيتم تعبئته بعد الخروج هل حلّت المشكلة أم لا، هل انتهت المعاملة ام لا، وأقوم بدراسة التقارير يومياً، فإذا كانت هناك قضية بدون حل، يتم استدعاء المواطن في اليوم التالي وتتم مواجهته مع الموظف المختص، وعليه فقد انخفضت الشكاوى الى الصفر لأن الموظف يعرف ان وراءه متابعة، والمواطن يجرؤ على أن يكتب دون خوف من العتاب أو المساءلة، وهكذا طبقنا قاعدة ان السفارة بيت المواطن وأنها في خدمته وحمايته في كل الظروف فعلًا لا قولا.
بالرغم من أن الجامعة العربية كانت مغيّبة اثناء الحرب اليمنية إلا أن المرحوم الدكتور عصمت عبدالمجيد قد قام بزيارة الى اليمن والتقيته وقال لي بيتا من الشعر ما زلت أذكره:
نعيب جامعتنا والعيب فينا/ وما لجامعتنا عيب سوانا..
.. وللحديث بقية.