كتاب

تراكم المكتسبات وتوجيهاتها ومدلولاتها السياسية

إننا لا نعظم الإنجازات ولكننا نسلط الضوء عليها وذلك انطلاقا من روح جلالة الملك التي لا يمكن أن تنظر إلى المستقبل أو الحاضر إلا من خلال الثقة المطلقة بقدرة الأردن والأردنيين على التحويل الجذري لكل أزمة مفتعلة موضوعية أو مفتعلة ذاتية إلى فرص نستطيع من خلالها أن نعيد حسابات الإقليم كله بأن الأردن ليس ورقة أو دولة مارقة أو كيان ضعيف يمكن تجاوزه من قبل القوى الدولية أو الإقليمية.

فالأردن أثبتت للكل الدولي وللخاص الإقليمي بأن ثوابته خطوط حمراء حقيقية والتعنت الصهيوني في عدم التزامه بالمعاهدات الدولية أو القرارات الدولية قد مهد بشكل لا لبس فيه أنه قارئ واهم للواقع الأردني وصلابة قيادته وتكامله الوطني من هذه الزاوية، فإن أزمة التعنت و«صفقة القرن» قد مهدت بشكل جلي الطريق أمام اتخاذ الأردن لخطوات ملموسة حقيقية تصعيدية بدأت منذ بداية عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.

وهي التي أدت الى مراكمة الإنجازات الوطنية والتي كان على رأسها استعادة أبنائنا من الكيان الصهيوني واستعادة سيادتنا على الباقورة والغمر وهذه إحدى تجليات تحويل الأزمات إلى فرص حقيقية نكتسب من خلالها مفهوم تعميق السيادة بتوازن يحافظ على التزامنا الأممي والدولي في كل المعاهدات الموقعة والماثلة أمام الراي العام الدولي والإقليمي فاستطاع الأردن، وهذا ما نوه له جلالة الملك في خطابه الأخير أن يشكل الحلقة الأكثر صلابة في التجاذبات الدولية التي انعكست على الإقليم كله.

ذلك من خلال عدم الاستقرار وزعزعة الجبهة الداخلية ومحاولة ضرب حصانتها وصولاً إلى اخضاع قرارها السياسي خارج إطار ثوابتها السياسية والقيمية الأكثر حمرة لأن الخطوط الحمراء ليست نابعة أو خاضعة للتجاذبات السياسية إنما هي محددة تماما في رسالة الهاشميين وتجليها بالتوافق الكلي والعقد الاجتماعي والذي جسده الدستور الأردني والمنطلقات الفلسفية والنظرية للثورة العربية الكبرى وعودة السيادة على الغمر والباقورة يعتبر بكل المقاييس إنجازاً استراتيجيا سياسيا يبعث برسائل تحذيرية عنوانها أن المصلحة الأردنية العليا لا يمكن تجاوزها فقد كان القرار إلى الجيش العربي المصطفوي عنوانه اغلقوا البوابات فالقادم أعظم.

هذا كله يمتزج مع تركيز ملكي استثنائي وانغماس كامل في التوجيه والتحديث ومراقبة تطور أداء الحكومة وخاصة في جانبها الاقتصادي، وان النظام السياسي الأردني، وعلى رأسه جلالة الملك يضع الحكومات ولأول مره ليس فقط في إطار الرقابي الشعبي بشقيه النواب والاعيان، إنما هي تخضع لمراقبة القصر مباشرة وهذا كان واضحاً عندما تم تحديد مهل زمنية محددة لأنجاز برامج الحكومة وخاصة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أي أن يلمس المواطن الأردني نتائج التنمية الاقتصادية وهذه رسالة كانت واضحة تماما في خطاب جلالته أي أن المحور الأصيل هو المواطن وليس الواقع المعياري للنمو الاقتصادي دولياً بما معناه تعظيم المكتسبات الاجتماعية الناتجة عن برامج وانجازات الحكومة.