كتاب

تطوير وتحديث الحضارات

النظام الاجتماعي الذي يساعد الامم على تطوير إنجازه الثقافي والادبي والعلمي، يعني الحضارة اي المجتمع الذي يعيش أفراده في المدن وليس المجتمعات القبلية. ولفظة حضارة قابلة للتأويل، واستخدامها يستحضر قيم التميز، وافراد الحضارات المختلفة يحسبون أنفسهم متميزين عن غيرهم، ويعتبرونهم متخلفين. لكن الحضارة بمعناها الاساسي تتكون من اربعة عناصر: (1) النظم السياسية، (2) التقاليد الخُلقية، (3) معنى وتأثير الموارد الاقتصادية على المجتمع. و(4) متابعة العلوم والآداب والفنون. وتحتاج للتطلع لعوامل الإبداع وللمضي في طريق فهم الحياة وازدهارها في جميع المجالات. لا بد للحضارة ان ترتكز على البحث العلمي – والابتكارات التكنولوجية. والفنون المعمارية والمنحوتات. اشاد التاريخ بالحضارة الرومانية فكانت تضم علماء وفنانين عظماء. فالفن والعلم عنصران يقودان الحضارات.

أما تطور الحضارات وتقسيمها، فقد كان لأستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد العالم والمفكر السياسي صامويل هنتنجتون (Samuel Huntington ) (1927 – 2008) من اوائل الذين قسموا الحضارات لمناطق نفوذ ثقافية: وخدم فترة في الجيش الأميركي، ثم التحق بجامعة شيكاغو، وحصل على درجة الدكتوراة عن عمر (23)عاماً. ثم عين أستاذا في جامعة هارفارد (1950 – 1959) وانتقل لجامعة كولومبيا وغادرها لجامعة هارفارد (1963) وعام (1965) تم انتخابه زميلاً للأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم. وقام بتأليف– (الجندي والدولة) عام 1957، حول (نظرية وسياسة العلاقات المدنية العسكرية). ويعتبر اكثر الكتب تميزاً للعلاقات المدنية العسكرية الامريكية. ثم تأليفه لكتاب (النظام السياسي في مجتمعات متغيرة) عام 1968، والذي تحدى فيه النظرة التقليدية لمنظري التحديث، بأن التقدم الاقتصادي والاجتماعي من شأنه أن ينتج الديمقراطيات المستقلة في البلدان التي تخلصت من الاستعمار. عمل هنتنجتون خلال (1977 – 1978) في ادارة جيمي كارتر، منسقاً للتخطيط الأمني في مجلس الأمن القومي. توفي عام 2008 عن عمر 81 عاماً. وكان قد كتب مقالته (صراع الحضارات). وجادل فيه بانه وخلال الحرب الباردة، وكان النزاع آيديولوجياً بين الرأسمالية والشيوعية ولكن باعتقاده ان النزاع القادم سيختلف ويكون بين عدة حضارات (الغربية و الصينية والهندية والأفريقية والحضارة الإسلامية). ويقترح هنتنجتون في ختام مقالاته اختفاء الدول القومية.

ولا يعتقد بأن الاقتتال الداخلي سينتهي، ولكن «التفكير الحضاري» أمر واقعي يتزايد منذ إنهيار الاتحاد السوفييتي وستعمل نخب مثقفة في دول غير غربية على تقارب بلدانها مع الغرب ولكنها ستواجه بعراقيل كثيرة. الصراع القادم سيكون بين الغرب والدول غير الغربية والصراع بين الغرب والدول ذات الأغلبية المسلمة، وباعتقادي ان هذا الاعتقاد خاطئ وعنصري ومرفوض ويقول: على الغرب أن يقوي جبهته الداخلية بزيادة التحالف والتعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وضم أميركا اللاتينية واليابان القريبتين من الغرب.