إن قادة الاتحاد الأوروبي كانوا قد صادقوا الشهر المنصرم على انتخاب الفرنسية كريستين لاغارد كرئيسة للبنك المركزي الأوروبي لمدة ثماني سنوات غير قابلة للتجديد خلفاً للإيطالي ماريو دراغي لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس المركزي الأوروبي الواقع في فرانكفورت الألمانية عام 1998.
إن الدور الملقى على عاتق رئيس المركزي الأوروبي يأتي من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار في منطقة اليورو، وسلامة البنوك، وإيجاد موازنة طويلة الأمد للإتحاد وكيفية مواجهة العجز في التمويل المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بالإضافة إلى ظهور بعض المستجدات المتعلقة باللجوء والهجرة غير الشرعية، والظروف البيئية المرتبطة بالتغير المناخي.
إن موازنة الاتحاد الأوروبي للفترة المقبلة سوف تنضوي على التمويل الذي يعتبر ضعيفاً مقارنة بالإنفاق العام حيث يتم إعادة استخدام هذه المبالغ للدول الاعضاء في مجالات الزراعة والبحث العلمي أو مساعدة الأعضاء الأكثر حاجة.يعتزم المركزي الأوروبي إعادة شراء ديون من السوق وهو قرار يشكل موضع جدل فيما بين الدول الأعضاء. ولتجنب التباطؤ الاقتصادي والتضخم سيعيد البنك شراء سندات عامة وخاصة بقيمة عشرين مليار يورو. وكانت قد طالبت الدول الاعضاء اعتماد سياسة نقدية تراعي المجتمع والبيئة والابتعاد عن الأسلوب التكنوقراطي في التواصل.
إن الحروب التجارية التي تجتاح كبرى اقتصادات العالم تشكل تهديداً حقيقياً على الإنتاج الصناعي والصادرات التي يستشعرها الاتحاد الأوروبي إلا أن زيادة الاستهلاك الداخلي لبعض الدول ونمو الطلب للمشاريع والانشاءات يبقيها بعيدة عن شبح الركود. إن بعض الدول تتأثر بعوامل داخلية وخارجية مثل الاستقرار السياسي ونقص محفزات الأنشطة الاقتصادية وحالة عدم التأكد الحاصلة في قضية بريكست التي تم تسويفها لكانون الثاني المقبل وزيادة الضبابية الحاصلة في المحادثات فيما بين الولايات المتحدة والصين.
إن تحفيز الطلب يشكل تحديا على الحكومات ويرتبط بالنمو الاقتصادي حيث يتوجب على المركزي الأوروبي تشجيع الحكومات على زيادة الإنفاق العام مثل الفائض في ميزانية ألمانيا على سبيل المثال الذي ينبغي عليها زيادة الانفاق العام من أجل زيادة معدلات النمو، وكذلك دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الآلة الاقتصادية الأوروبية منعا لدخول أزمة جديدة.
هناك ملفات أساسية لا يمكن غض النظر بشأنها تتعلق بشراء الأصول التي تدعم الاقتصاد والاهتمام بمتابعة التضخم الضعيف من خلال مراقبة الفقاعات المالية أي أن يتجاوز سعر الأصل قيمته الأساسية بهامش كبير، والنظام المالي للبنوك والمقاربة الحاصلة في التقلبات الجيوسياسية في منطقة اليورو.
برأيي إن على البنك المركزي الأوروبي أن يبحث عن آليات جديدة من أجل الوصول إلى موازنة أوروبية موحدة واستخدام سياسات مالية متناسقة وخفض معدلات التضخم والفوائد وضبط عجز الموازنات برغم اختلاف أولويات الدول الأعضاء من حيث زيادة عبء الدين العام أو زيادة الاقتراض من أجل رفع الإنفاق.
[email protected]