أ.د. محمد الرصاعي
من القضايا التي تشغل العالم اليوم وتشكل مصدراً للقلق والتخوف لدى الشعوب والحكومات هي ظاهرة الاحتباس الحراري، وقد أشار جلالة الملك عبدالله الثاني لذلك في كلمته في مقر الأمم المتحدة قبل أيام. خطر الاحتباس الحراري وما ينجم عنه من مخاطر عرض لها تقرير المنظمة الأوروبية للأرصاد الجوية الصادر عشية قمة عالمية حول المناخ في نيويورك في منتصف الشهر الحالي.
أشار التقرير الى أنَّ شهر تموز يوليو (2019) كان الشهر الأكثر حراً منذ البدء بقياس درجات الحرارة في عام (1850)، كما بين التقرير أنَّ الفترة من عام (2015) إلى عام (2019) هي السنوات الخمس الأكثر حرارة على الإطلاق حيث ارتفعت درجات الحرارة بمقدار (0.2) درجة مئوية مقارنة بالفترة من (2011) إلى الفترة (2015)، كما أنَّ متوسط الحرارة خلال الفترة من (2015) إلى (2019) أعلى بـ (1.1) مقارنة بالفترة من (1850) إلى (1900).
التداعيات الخطيرة لتنامي الاحتباس الحراري وفقاً للتقرير كارثية على حياة الكائنات الحية وفرص استمرارها دون عواقب أليمة، حيث أشار التقرير إلى استمرار انخفاض الجليد البحري وكتلة الجليد، وتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة نسبة الحموضة في مياه البحر، وزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة (2%)، وبلوغها رقم قياسي بلغ (37) مليار طن من ثاني أكسيد الكربون عام (2018).
ما يتنبأ به علماء المناخ في حال بقيت هذه الأرقام توالي ارتفاعاتها أشبه ما يكون بنهاية العالم، فمن المتوقع أن تغمر المياه العديد من المدن الكبرى التي بنيت على مستوى سطح البحر أو تحته مثل مدن ميامي ونيويورك وطوكيو، وكذلك سنغافورة وأمستردام، هذا مع تعرض العديد من المدن الساحلية للفيضانات سنويا بدءا من عام 2050.
كما يتوقع خبراء المناخ زيادة حدة الأعاصير التي تستمد طاقتها من المحيطات التي تزداد درجة حرارتها بسب الاحتباس الحراري وخاصة مناطق البحر الكاريبي، ولعل الحرائق الأخيرة في الأمازون وكاليفورنيا ومناطق عديدة في العالم خير شاهد على خطورة ما ينتظر حياة البشر على كوكبهم المهدد بخطر الفناء، وحتى الكائنات الحية الأخرى هي تحت وقع هذه التداعيات المرعبة لارتفاع حرارة الأرض، فقد بينت دراسة حديثة أنَّ نوعاً من كل ستة أنواع من الكائنات الحية سيختفي في حال توالي تنامي هذه الظاهرة.
أمام هذا الواقع المفزع والتنبؤات الكارثية لا يعقل أن لا تبادر دول العالم وخاصة الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ إجراءات سريعة للحد من تداعيات الاحتباس الحراري، ولكن ما تمارسه الإدارة الأميركية الحالية من سياسات اتجاه المناخ والبيئة لا يخدم هذا التوجه فالإدارة الحالية في الولايات المتحدة تضع رأس المال في سلم أولوياتها ولو على حساب حياة البشر وسلامتهم.
[email protected]