فجعت الأردن بأكملها في حادثة غرق الأطفال في البحر الميت، وأثرت هذه الحادثة بعمق في جلالة الملك ليوعز للدفاع المدني بالعمل الحثيث على إنشاء مركز انقاذ رفيع المستوى وعلى مستوى مرتفع الجاهزية لمواجهة أية مخاطر في منطقة البحر الميت ووادي الأردن صعبة التضاريس، وهو المشروع الذي تحقق خلال مدة قياسية ليفتتح جلالته مركز الإنقاذ المائي والجبلي ليشاهد بكل فخر التدريبات والتطبيقات العملية لأكثر من مائتي منقذ وغطاس سيبعثون الاطمئنان لرواد المنطقة السياحية من الأردنيين وزوار البلاد.
أتت استجابة الدفاع المدني لتوجيهات جلالة الملك لتضرب مثلاً في التعامل مع الرؤى الملكية، فأضاف الجهاز الذي يحظى بمشاعر ايجابية دافئة من الأردنيين مركزاً مجهزاً بأحدث التجهيزات ويعمل به نخبة من الشباب الأردني الذي حظي بأفضل التدريب واستطاع استيعاب ثقافة الانضباط الرفيعة المتوطدة لدى كوادر الدفاع المدني.
كم يبدو من الضروري التأمل في نموذج العمل الذي أهدى للأردن هذا المرفق الحيوي الذي سيكون له الدور الكبير في تجنب تكرار الحادث الأليم من خلال دوره الوقائي والإنقاذي، وسيشكل عاملاً مضافاً لجذب سياحة المغامرات للأردن وهي أحد المضامير السياحية غير المستغلة كما يجب.
في البدء كان تركيز الملك على المحاسبة والمساءلة بكل شفافية واستقلالية، إلا أن ذلك لم يمنع ولم يشوش على طرح السؤال الجوهري في كيفية وضع الحل الجذري لمشكلة مخاطر السياحة والتجول في منطقة سياحية جذابة بغض النظر عن التكلفة التي مهما تعاظمت ستظل دون تكلفة الأرواح البريئة، وأتت التوجيهات بأن يكون المركز لائقاً بسمعة الأردن ومكانته ولا سيما أنه يتعلق بأحد مفردات الأمن الشامل الذي يعد مرتكزاً رئيسياً في الأردن ولدى الأردنيين.
وفي فترة قياسية أتت استجابة جهاز الدفاع المدني وهو الأمر الذي ليس مستغرباً على جهاز عريق طالما حظي بالرعاية الملكية واستظل بالتشجيع من جلالة الملك، بما يعكس العرفان الكامن لدى إدارة الجهاز وكوادره تجاه القائد الأعلى الذي يؤمن بأن الجهاز يمثل اليد اليمنى التي تمتد للمواطن في لحظات حرجة وحساسة تمس حياته وأمنه وممتلكاته، وأن فعالية الجهاز يجب أن تكون دائماً في أقصى درجاتها ليستشعر المواطن المعنى العميق الذي يربطه كإنسان بالدولة ومؤسساتها أبعد وأعمق من أية تفاصيل أخرى طارئة أو مؤقتة.
