رأينا
شهد الأردن العديد من البرامج والمشاريع التي تبنتها الحكومة والقطاع الخاص، وكثير من هذه المبادرات تمكنت من تحقيق العديد من الأهداف مثل التوعية والتسويق للأردن ومنجزاته، إلا أنها أغفلت أن تمتلك رابطاً مباشراً مع جهود المملكة لتوفير فرص العمل للشباب من أبنائها، وهو التحدي الرئيسي الذي يذكر الملك بضرورة منحه الأولوية القصوى في المرحلة الراهنة.
يختصر الملك الطريق على أصحاب المذاهب والفلسفات في العمل ذو البعد المجتمعي والاقتصادي، ويوفر عليهم الوقت إذ يضع استيعاب طاقة الشباب الأردني في العمل المنتج بوصفه المعيار الوحيد المقبول حالياً، وبذلك يمكن لمن يقدمون الموشحات والمطولات والمعلقات أن يكتفوا بشريحة تقديمية واحدة تبين عدد فرص العمل التي توافرت بعد كل جهودهم، وكيف أسهم المشروع أو قادت المبادرة إلى ترجمة أحلام شاب أو فتاة من أبناء الوطن في تحقيق طموحه المشروع بالحصول على فرصة ليحقق ذاته ويمضي على طريق انجاز أحلامه المستقبلية؟ أليس تحقق حلم الوطن هو محصلة لتحقق ملايين الأحلام لمواطنيه؟
يتحدث الملك عن فرص للعمل، دون أن يحدد التوظيف بوصفه المدخل الوحيد للمشاركة الاقتصادية، وعلى مؤسسات الدولة أن تستجيب لذلك وأن تراجع تحيزاتها المسبقة لتراثها البيروقراطي لتزيح من أمام الشباب الاجراءات المعقدة التي تحتاج لخبير قانوني لاجتياز سباق المسافات الطويلة في أروقة المؤسسات الحكومية، ويفتح الملك الباب أمام الاجتهاد البناء الذي يمكن أن يوفر على الشباب نصف الطريق في اتجاه مبادرات تشجيعية لتوجيهه نحو القطاعات التي تتسق مع الميزة النسبية للأردن، مثل بعض أنواع الزراعات أو المنتجات التكنولوجية أو المنافذ السياحية.
يشدد الملك على أهمية التقييم المستمر الذي لا يكون إلا نتاجاً لمتابعة حثيثة ومسؤولة، فالبرنامج أو المشروع ليس مجرد حفل افتتاح مبهر واحتفالية ختامية تعرض بعضاً من قصص النجاح، ولكنه صيرورة متكاملة تدعم قطاعاً حيوياً أو تفتح فضاء ابداعياً يمكن الطاقات الشابة من الإنخراط في العمل المنتج، وتجنباً لورطة التفاصيل الكثيرة التي لا تقل جسامة عن التعقيدات البيروقراطية، فالملك وبوضوح لا يفتح باباً للتذرع أو التبرير، فالنتائج ستعرض على ميزان حساس ترجح كفته بشباب عامل وفاعل.