يدرك العارفون بتفاصيل الحالة التي تسيطر على مجريات الأمور في عالمنا العربي والإقليم الملتهب، أنَّنا معنيون جميعاً حكومة، ومؤسسات مجتمع، وأفراداً، بتشييد حالة حوار وتفاهم وجهتها دائماً المصلحة الوطنية، واستقرار ومنعة الأردن.
واليوم نتعرض في الأردن لفرصة مواتية لتعميق صيغة الحوار من خلال الموقف الحاضر بين الحكومة ونقابة المعلمين التي تطالب بزيادة رواتب المعلمين ومنحهم زيادة بنسبة 50%، في حين ترى وزارة التربية والتعليم أنَّ المسار المهني الذي سبق التفاهم حوله مع النقابة يحقق زيادة تفوق ما تطالب به النقابة ويحقق أداء وظيفيا متميزا، الاتفاق على تطوير ظروف وأداء المعلمين نقطة مشتركة بين الوزارة والنقابة لذلك ولمصلحة المعلم ومصلحة الوطن فإن وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين الأردنيين وكذلك الأطراف ذات العلاقة مدعوون للجلوس لطاولة الحوار ووقف الدفع صوب التشدد في المواقف في وقت لا يمنحنا ترف تحمل تبعات هذه الحالة المتشنجة، ويدرك الجميع الظروف المالية للدولة وفي الوقت ذاته نعلم أن دخول المعلمين متواضعة وهذا لا يمنع أن يلتقي الجميع في منتصف الطريق والتفكير سوية في دعم مسيرة التعليم ومقاومة معيقات التطوير والاستمرار في التميز والمحافظة على مستوى متوازن من الرضا الوظيفي لدى المعلمين وكذلك شعور أولياء الأمور من المواطنين بانعكاس هذا الرضا على تعلم أبنائهم، بعيداً عن توظيف ملف المعلمين في أهداف قد تكون تخدم جهات لا تمثل المعلم الأردني وتحسين ظروفه هدفها الأساسي.
لطالما كان المعلم الأردني مميزاً ونموذجاً سعت العديد من مؤسسات التعليم في العالم العربي لاستقطابه والاستفادة من قدراته وكفاءته المهنية والقيمية في بناء الأجيال وإرساء قواعد التنمية البشرية في تلك الدول، ومحلياً ساهم المعلم الأردني بشكل كبير في مسيرة الدولة الأردنية وحازت الأردن مراكز متقدمة في مستوى التعليم إقليمياً وعالمياً، ولم يتحصل ذلك إلا بجهود وإخلاص المعلم الأردني وحرصه الكبير على مصلحة الوطن ونمائه وازدهاره.
وفي المقابل ورغم ما يقوم به معلم الأجيال من دور لا يعادله أجر أو مكافأة، قدمت الحكومات ما تستطيع للمعلم من دعم ومؤازرة ولا زال الكثير مما يستحق المعلم الأردني على قائمة توجيهات كتب التكليف السامي للحكومات وهذا يرتب على الحكومة منح المكتسبات التي يستحقها المعلم أولوية كبيرة.
كما أن وجود تنظيم نقابي إلى جانب العدد الكبير من المعلمين المسجلين في هذا الإطار الوطني الذي يمتلك إمكانيات كبيرة للاستثمار وتحسين الظروف المعيشية للمعلمين يشكل فرصا كبيرة لتقديم خدمات شتى يشعر من خلالها المعلم بعوائد انضوائه ضمن نقابة مهنية تسعى للارتقاء بمهنة التعليم والقائمين عليها، وتستطيع النقابة كذلك مساندة دور وزارة التربية والتعليم في تطوير قدرات المعلمين وتأهيل مهاراتهم التي تعزز مستوى الخدمة التعليمية المقدمة لطلبتنا.
[email protected]