د.اسمهان ماجد الطاهر
العديد من أقوال كونفوشيوس ما زال يتم تناقلها كحكم ومن أجمل ما قال «إذا كانت تخطط لعام واحد فازرع الأرز، وإذا كانت خطتك لعشرة أعوام فازرع الأشجار، أما إذا خططت لمئة عام فقم بتعليم الأطفال».
لقد كشفت الحكومة مؤخراً عن التوجه لجعل رياض الأطفال إلزاميا. بوجهة نظري المتواضعة إذا كانت المدارس الابتدائية لم تنجح في مراعاة الفروق الفردية ومعرفة القدرات في المراحل التأسيسية وأكبر دليل على ذلك نسبة الاخفاق في تعليم طلاب المرحلة الإساسية القراءة والكتابة حيث ينهي البعض المرحلة الابتدائية دون أن يتقن القراءة والكتابة فكيف بمرحلة رياض الأطفال التي تحتاج برامج عميقة غنية قادرة على زرع القيم ومراعاة الفروق الفردية بجانب التعليم.
رغم جمال الفكرة إلا أن التطبيق يحتاج إلى تكلفة عالية وتخطيط متزن يضمن نجاح المقاصد والأهداف. نحن بحاجة إلى العديد من البرامج للتنمية البشرية لمرحلة الطفولة والمراهقة والشباب وما زلنا نسير بخطى بطيئة للأسف.
سأنقل صورة صغيرة غنية لبرنامج تنمية بشرية وهو برنامج المعسكر الصيفي الذي يعقد في الولايات المتحدة الأميركية سنوياً وفي جهات متعدة من العالم. من خلال متابعتي لمشاركة طلاب من الجامعة التي أعمل بها، في المعسكر الأميركي أكتشفت حجم الفجوة المعرفية في التنمية البشرية لمرحلة الطفولة والمراهقة في مجتمعنا.
المعسكر الأميركي يستقبل الأطفال في الإجازة الصيفية للأعمار من 9- 16 سنة على دفعات خلال شهرين لكل فئة عمرية اسبوعين يتم استقبال الطلاب المشاركين في المعسكر في منطقة ريفية لتعليمهم السباحة والرماية وركوب الخيل ثم صفوف للغناء وصفوف لتعليم الرقص الفلكلوري والمسرح وانشطة عديدة.
يطبق البرنامج خلال أسبوعين يتم استقبال الطفل أو المراهق لعيش مستقل عن والديه ليتقن الاعتماد على النفس والشجاعة ولتنمية المواهب وإزالة الخوف ونشر ثقافة الفرح ويشرف على المعسكر متخصصين في عدة مجالات تربوية ونفسية مع فريق من طلاب الجامعات من مختلف البلدان، يتم تدريبهم مدة أسبوع على العمل ليتحمل الشاب مسؤولية الإشراف على عدد من الطلاب المشاركين في المعسكر ليكتسب مهارات العمل وتحمل المسؤولية وتنظيم الوقت وحسن التصرف. أين ذلك من برامج المعسكرات التي تعقد على استحياء ! أين ذلك التغيير الذي يصنع فارق في التنمية البشرية. أين وزير التربية الذي يملك ديناميكية التحول والتطوير؟.
احتفظنا في الصفوف التقليدية والتعليم لم يتغير لا في الإسلوب ولا في الأدوات المستخدمة منذ زمن بعيد. مساهمة التعليم بالتأثير في القيم وبناء صفات الاستقلال والشجاعة وتنمية المواهب تمر في خطط واستراتيجيات التعليم والتنمية البشرية من خلال سرد قصص الماضي لا من خلال التجربة الفعلية. علينا دق جرس الإنذار والمطالبة ببرامح تنمية بشرية حقيقية تمتد من الطفولة مروراً بالشباب بأيدى صناع التغيير المبدعين.
[email protected]