أ.د. محمد الرصاعي
ما يزيد على (70%) من الذكور في الأردن مدخنون، وهي النسبة الأعلى عربياً والثانية عالمياً، وأضاف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أنَّ التدخين يقتل سنوياً (9) آلاف أردني. أرقام مرعبة تدق ناقوس الخطر، وتشير إلى مخاطر جسيمة بدأت تظهر آثارها من خلال حجم ما ينفق من أموال على التدخين حيث تبلغ (1.6) مليار دينار تشكل (6) بالمئة من الناتج القومي الإجمالي في حين تبلغ النسبة عالمياً (1.8) بالمئة، فكيف إذا ما تم إضافة تكاليف نفقات علاج الأمراض الناجمة عن هذه الظاهرة.
يبذل القطاع الطبي بكافة مكوناته جهودا مضاعفة للتعامل مع الآثار الناجمة عن التدخين كأمراض القلب والرئتين والسرطان حيث يزداد تأثير هذه الأمراض بسبب زيادة مدة التدخين مع تنامي نسبة الأطفال المدخنين، أو الآثار التي يتسبب بها تدخين الأمهات على الأجنة والمواليد الجدد.
الأرقام الصادمة المعلن عنها من منظمة الصحة العالمية تكشف خللاً كبيراً في منظومة التربية والتعليم بكافة مكوناتها في المجتمع الأردني؛ الأسرة، المسجد، المدارس، والجامعات، وفشل مناهج التعليم في بناء سلوك الأفراد واتجاهاتهم، الأمر الذي يتطلب مراجعة السياسات والاستراتيجيات التي تعيد لهذه المؤسسات دورها الاجتماعي، ومساهمتها في حفظ المجتمع من مخاطر ظواهر سلبية عديدة في مقدمتها ظاهرة التدخين. الحكومة الأردنية بعد ظهور الأرقام المفزعة شكلت لجنة وطنية لمكافحة التدخين والتبغ برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، وعقدت اللجنة اجتماعها الأول قبل أيام، وأكدت عزمها وضع برنامج عمل وإجراءات وفق جدول زمني محدد، كما أشارت اللجنة الى ضرورة تطبيق قانون الصحة العامة وبكل حزم لمنع التدخين في المناطق العامة والمغلقة، والبدء بالوزارات والمؤسسات العامة والمدارس والجامعات ومنع بيع التبغ للأطفال وتحت طائلة المسؤولية، اضافة الى سلسلة من الاجراءات والسياسات الحكومية المتعلقة بالحماية والتوعية وتعزيز دور العيادات الطبية التي تشجع على الاقلاع عن التدخين.
عندما يكون الوعي هو طوق النجاة من مخاطر تهدد المجتمع، تكون الإشكالية في الحاجة إلى وقت طويل وجهد كبير للوصول لتحقيق الأهداف، وتضافر الجهود والخطط بين جميع الجهات والمؤسسات المعنية برفع منسوب الوعي حيال القضايا والظواهر التي تضرب في خاصرة المجتمع وتهدد صمود أركانه.
[email protected]