النائب د. فايز بصبوص
في ذكرى الاستقلال الثالث والسبعين تعاد نفس الأسطوانة المشروخة والتي يتكرر من خلالها اننا نمر بمرحلة مصيرية ولكن هذه الذكرى والمرحلة المصيرية لم يسبق أن مر الأردن بمرحلة تهدد وجوده ورسالته وهويته كما في هذه المرحلة فإنها بكل صدق ودون دبلوماسية او فن الممكن هي مرحلة إن لم نتعامل معها ونوظف لمواجهتها كل الإمكانات في مرحلة مصيرية بكل ما للكلمة من معنى، ففي ظل التطورات المتلاحقة والضغط الأميركي والإقليمي من اجل تمرير صفقة القرن فقد بلغ ذلك الضغط وخاصة على المستوى السياسي شكلا غير مسبوق فقد بات واضحاً بأن على الأردن أن يقدم تنازلات تزعزع استقراره وتهدد وجوده وان ذلك لم يبق خارطة طريق فقط بل بدأت تترجم من خلال كل مقدمات صفقة القرن المعروفة وغير المعروفة واعني نقل السفارة والأونروا وسحب الاعتراف التدريجي بمنظمة التحرير وصولا الى التركيز على نزع الوصاية الهاشمية من خلال التعدي على الأوقاف الأردنية وحراس «الأقصى» بشكل غير مسبوق ودون الأخذ بعين الاعتبار الاتفاقات المعقودة مع هذا الكيان الصهيوني.
انني أرى ان مؤتمر البحرين والذي يعقد تحت يافطة التنمية الاقتصادية والاستثمارات في الضفة الغربية والقطاع والوعود بكم هائل من المساعدات المالية كنتيجة لهذا المؤتمر هو القناعة المطلقة لدى صناع القرار بالولايات المتحدة والإقليم بأن «صفقة القرن» بجانبها السياسي لم تنضج ظروفها فبادروا إلى تقديم الجذرة الاقتصادية قبل العصا السياسية، إن ذلك كله يأتي في سياق تصعيد عسكري يوازي بمفرداته السياسية والعسكرية ما تم حشده قبل الحرب العراقية الأولى ليس لأن هناك صدام عسكري قادم ضغط ترويضي للمنطقة لقبول استحقاقات التحول السياسي بعد الشهر الفضيل أي إعلان «صفقة القرن» بكل بنودها.
إن ذلك التصعيد يأتي بموازات دعوة المملكة العربية السعودية الى قمة خليجية وأخرى عربية في نهاية هذا الشهر على هامش قمة التعاون الإسلامي والتي ستعقد في الرياض بدورتها العادية.
الرد الأردني..
لقد تلمس جلالة الملك مدى خطورة الانجرار وراء مخطط التصفية فالتهديد الإيراني وكعادته بدأ جلالة الملك بحركة دبلوماسية حثيثة ويومية ودون تحفظ أو مواربة فقد كثفت الدبلوماسية الأردنية من لقاءاتها مع الاشقاء العرب الأكثر اعتدالاً واللذين لا يروق لهم حرف البوصلة السياسة نحو طهران والذين يعتبرون أن القضية الفلسطينية هي الاتجاه وهي أولى الأولويات وهي مفتاح حل كل الصراعات في المنطقة ونعني بذلك دولة الكويت الشقيقة والعراق ولبنان وسوريا ومصر واغلبية دول المغرب العربي ونهاية التحرك الأردني كان باتجاه دولة الامارات وتجلى كل ذلك في اللقاء الذي عقده جلالة الملك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتنسيق المواقف والتكامل في الحراك السياسي خاصة في بعده الدولي أي نحو الدول التي تتطابق رؤيتها ورؤية الدبلوماسية الأردنية حول مشروع صفقة القرن واعني هنا دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واغلبية دول العالم الإسلامي كل ذلك لأن الأردن على قناعة مطلقة ان مرت ستكون وبكل شمولية هي تهديد وجودي للأردن كياناً سياسياً وهوية وجودية لذلك تكتسب هذه الذكرى هذا البعد المصيري والذي أخذ جلالة الملك على عاتقه الدفاع عن الأردن وجوداً ورسالة وعن العروبة وفلسطين كثابتة من ثوابت القيم الهاشمية السمحة والتي لن يتراجع عنها مطلقاً.