أ.د. محمد الرصاعي
يعتبر التعليم أكثر المجالات تأثراً بحركة العولمة حيث عملت التكنولوجيا الحديثة على نقل المصادر الجديدة للتعليم والتعلم إلى بقاع عديدة من العالم، كما تتيح التكنولوجيا الحديثة فرصاً كبيرة للتواصل بين المعلمين والطلبة والخبراء لتبادل الأفكار والمعلومات والأدوات العلمية، وبالتالي سهولة انتشار المعرفة بين الشعوب، ويدرك الجميع اليوم أهمية البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض التطبيقات أو البرامج الإلكترونية في هذا المجال.
وفي سياق آخر قدمت مؤسسات عالمية مختلفة مثل اليونسكو واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي وغيره من المؤسسات والمنظمات العالمية برامج ومشاريع تعليمية عديدة عابرة للحدود في مجالات عديدة من التعليم، كالتعليم الصحي، ومهارات الحياة، واللغات، والتوعية، والتربية، وحقوق الإنسان، وكذلك مجالات التدريب والتأهيل ومهارات الوظائف.
كما قدمت دول العالم المتقدم خبراتها الكبيرة في مجال التربية والتعليم والمناهج الدراسية وبرامج تأهيل المعلمين من خلال إعداد المعايير، والكفايات، والاختبارات التي تحقق جودة برامج التعليم والتدريب، وتبنت برامج ومشاريع لإتاحة التنافس بين دول العالم، وتقديم قوائم تتضمن ترتيب دول العالم في التعليم، والبحث العلمي ومستوى الجامعات والبرامج، إضافة إلى شهادات الجودة في مجالات عديدة للمدارس والكليات والجامعات.
إن التوجهات الحديثة عالمياً في مناهج التعليم كالتربية البيئية والتربية الأخلاقية والمواطنة العالمية.... تكسب الطلبة والمتعلمين مهارات واتجاهات وقيم عالمية تجعل منهم مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم إذا ما تم دمج هذه التوجهات في مناهج التعليم لديهم.
التوجهات ذات التأثير الكبير على قطاع التعليم تأتي من دول ونظم ديمقراطية عالمية تؤمن بحرية التفكير وتحرص على بناء مناهج التعليم وفق مهارات التفكير المتنوعة (التحليل والتركيب، الاستقراء والاستنباط، التقويم والتفكير النقدي واتخاذ القرار،....)، إضافة إلى سيادة مبدأ حرية الفرد في جميع مواقف التعلم وأنشطة الصف وتشكل جميع هذه التوجهات مكتسبات كبيرة في رصيد التنمية في جميع أبعادها.
جميع ما سبق يدفع اليوم بقوة نحو تجويد النظم التعليمية في الدول العربية، وقد استثمرت بعض هذه الدول مستجدات إدارة الجودة الشاملة بهدف التحسين والتطوير المستمر على المدى الطويل لتحقيق نتائج أفضل لمخرجات عمليات التعليم، غير أنَّ الاستجابة لمتطلبات مواكبة حركة العولمة ما زالت ضعيفة وخاصة ديمقراطية وعدالة التعليم وممارسة مهارات التفكير في معظم مواقف التعلم.
[email protected]