النائب د. فايز بصبوص
في خضم التجاذب السياسي والفرز الإقليمي والتحالفات الدولية التي تتبلور في اطار توازن القوى، والتي بشرت بها السنة الجديدة وكان كل المتشائمين يرون في هذا العام بداية انفراج في المنطقة وذلك للدلالات التي اوجبتها انحصار «داعش» في العراق وسوريا ولكن تلك الدلالات تلاشت مع بدء الإفراز الدولي والتدخلات الإقليمية، والتي عمقت أزمات المنطقة بدأ من اليمن الى الازمة الخليجية المستعصية مرورا في الواقع الليبي وليس انتهاء بالأزمة التونسية او الاستعطاء الذي يحكم الواقع اللبناني في تشكيل حكومة رغم ما بشرت به كل القوى مع انتهاء الانتخابات النيابية هناك.
إلا أن المشكلة ما زالت تركض على صدور اللبنانيين دون حل في الأفق كل تلك الصورة القاتمة، والتي غلفت المشهد العربي يبرز دور الأردن والذي انتهج نهجا وسطيا معتدلا متوازنا على الصعيد السياسي والدبلوماسي محافظا على منظومة علاقان إقليمية ودولية خلقت من هذه السياسة نموذجا يحتذي به وذلك بان على راس الدبلوماسية يقف رجلا لا يخشى في الحق شيئا وجعل من الأردن مرجعية لكل من أراد ان يكون عربيا خالصا مدافعا عن قضيته واولوياته ورسالته الهاشمية التي ترى بكل عربي اخاً وسندا، لا يمكن ان يتخلى عن هذا الدور فقد تعمدت القيادة الأردنية ودبلوماسيتها الفذه على إبقاء كل الخطوط مفتوحة مع كل القوى الإقليمية والدولية وخاصة عندما تعاملت ببرودة دبلوماسية عندما تم التحول في الموقف الأمريكي والضغط باتجاه تمرير مؤامرة القرن هذه البرودة الدبلوماسية أتت على الإبقاء على العلاقة الأردنية الاميركية، كما كانت دائما بغض النظر عن الاختلاف الجذري والذي تنتهجه الإدارة الامريكية وخاصة رئيسها دونالد ترمب.
هذه الوسطية التي رسمت آليات التعامل الدبلوماسي مع القوى الإقليمية وخاصة تركيا وايران والأبقاء على الخيط مفتوحا مع دمشق وتعميق التوجه التنموي في العلاقة مع العراق، ابقى الأردن في موقعه الخاص القائم على التوازن والوسطية وعمق العلاقة مع الجمهورية العربية المصرية من اجل ان تقود المرحلة القادمة على أبواب القمة العربية والتي يرى الأردن فيها أداة حقيقية في دعم التلاحم العربي والارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون وصولا الى حل الازمات بين الاشقاء والتصدي بشكل موحد في مخططات الكيان الصهيوني في تهويد القدس وتمرير صفقة القرن والتي تعتبرها كثير من الدول حلا مأساويا سيقلب كل الموازين ويؤدي الى تجدد العنف والنزاع المسلح ويدمر كل خطوات التنمية في المنطقة ويؤجل حل ازماتها المزمنة.
ان الأردن وبقيادته الفذه كما اسلفنا هو محور التلاحم العربي وهو واحة امان واستقرار رغم عبء اللجوء السوري وتداعياته ورغم الضغط الاقتصادي الذي يتعرض له الأردن نتيجة لموقفه العربي الهاشمي من القضية الفلسطينية ومحورها مدينة القدس والمسجد الأقصى ترسيخا للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.