أ.د. محمد الرصاعي
توفير تعليم حقيقي منتج على يد معلمين مؤهلين أصبح بمثابة تحد كبير وإشكالية تمثل الشغل الشاغل للعديد من أنظمة التعليم في العالم، وقد ارتأت اليونسكو في اليوم العالمي للمعلمين هذا العام أن تسلط الضوء على حق الأفراد في وجود معلمين مؤهلين، واعتبر هذا الحق هو شعار الاحتفال بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لا يكفي للمعلم الذي يمارس مهنة التعليم امتلاك المعرفة أو الكفاية الأكاديمية فقط، فالتعليم يحتاج إلى مهارات وأدوات عديدة يتمكن من خلالها المعلم تجويد مستوى تحصيل طلبته، إلى جانب إدارة البيئة التعليمية، ومعالجة الاختلالات الانفعالية لديهم، ويبني قدراتهم على حل المشكلات والتكيف مع المتطلبات المتغيرة للحياة، وجميع هذه المهارات لا تتوفر لدى المعلمين إلا بعد خضوعهم لبرامج تدريبية وتأهيلية فاعلة.
الأعداد الكبيرة للمعلمين المنخرطين في العملية التعليمية تمثل تحدياً كبيراً أمام مؤسسات التعليم لتوفير التدريب والتدريب المستمر لجميع المعلمين، عدا عن الكلفة المالية الكبيرة التي تتطلبها برامج التدريب التي تحدث فروقاً نوعية واضحة وتنعكس بجدية على تحصيل الطلبة وقدراتهم.
التعليم أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية، ولا يمكن حصول الأفراد على هذا الحق بمجرد وجود معلمين غير مؤهلين، وقد تبين من خلال العديد من الدراسات والبحوث في هذا الصدد أنَّ غياب التدريب النوعي للمعلمين يتسبب في اختلال المنتج التعليمي بشكل يفوق الأسباب الأخرى كالمناهج الدراسية أو بيئة التعلم.
وللتعامل مع هذه الإشكالية تستطيع أنظمة ومؤسسات التعليم إتباع استراتيجيات يمكن من خلالها رفع كفاءة المعلمين، كاعتماد برامج تدريب ثبتت فعاليتها محلياً وعالمياً، وكذلك الاستفادة من خبرات المعلمين الذين تلقوا التدريب في فترات سابقة ويستطيعون نقل خبراتهم للمستجدين من المعلمين، كما يمكن الاستفادة من برامج التدريب المتاحة إلكترونياً، وفي هذا الصدد تقدم مؤسسات دولية برامج تدريبية نوعية على شكل منح توجه للعديد من دول العالم، وقد جعلت اليونسكو من توفير معلّمين مؤهلين ويحظون بتدريب أفضل ودعم أكبر واحدة من أولوياتها الأساسية، وذلك لقناعة اليونسكو أنَّ التعليم الجيد يحقق تنمية مستدامة.
[email protected]