د. أحمد يعقوب المجدوبة
واضح أن الأزمة التي نمر بها حالياً لها ثلاثة أبعاد رئيسية: اقتصادية وإدارية وسياسية.
البعد الاقتصادي له تفاصيل كثيرة، منها ارتفاع الأسعار وتآكل الرواتب وقلة فرص العمل وانحسار الصادرات بسبب الظروف السياسية في المنطقة وتراجع نسب النمو وقانون الضريبة وغير ذلك كثير.
والبعد الإداري يتمثل في الترهل وتراجع الكفاءة المؤسسية في العديد من القطاعات لأسباب كثيرة.
أما البعد السياسي فهو متشعب أيضاً، لكن أحد أهم مكوناته اليوم هو عدم التمكن لغاية الآن من التعامل مع مطالب الشارع على نحو فاعل.
يمكن أن يقال الكثير هنا، فيما يخص الأبعاد الثلاثة، لكن من المهم أن يدرك الجميع أن الأزمة التي نعاني منها الآن هي، في الغالب الأعم، ليست وليدة اللحظة، مع أنها قد تبدو كذلك، إنما تراكمية في مسبباتها.
سنوات طويلة من الترهل الإداري ومن ترحيل المشاكل ومن وضع الاستراتيجيات والخطط في الأدراج ومن عدم تطبيق حلول ذكية وناجعة في مجالات النقل والطاقة والاستثمار، ومن الإخفاق في تسريع وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية الفاعلة، أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن.
يضاف إلى ذلك بالطبع المستجدات والمتغيرات الإقليمية والدولية، التي تجسدت في أحد أبعادها في ما يعرف بالربيع العربي وتداعياته وتبعاته، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية الدولية والتي تؤثر علينا بطرق مباشرة وغير مباشرة.
والسؤال المهم هنا: ما الحل؟ ما هو السبيل للخروج من عنق الزجاجة؟
هي حلول وليس حلاً واحداً، بلا شك؛ وقد يختلف الناس فيها، فلكل رأيه ووجهة نظره. وهذا أمر لا بأس فيه، ويمكن استخلاص الكثير من آراء الناس المختلفة.
بيد أنني أجد الحل على بعدين: حلول آنية، تتمثل في إجراءات سريعة، وحلول على المدى البعيد تتمثل في خطط جادة، مفصلة ومبرمجة ومُتوافق ومتفق عليها.
وفي اعتقادي أن الجزء الأكبر من الحلول يقع ضمن الخطط بعيدة المدى، فليس من السهل وضع حلول آنية أو سحرية لأمور تراكمت واستفحلت لسنوات طويلة.
وحتى لا يظن البعض أن الحديث عن خطط طويلة الأمد هدفه المماطلة وكسب الوقت والالتفاف على المطالب، لا بد من إشراك المعنيين كافة، ومنهم الشارع نفسه، في الحوار الجاد والعصف الذهني والتفاهمات الناتجة عن ذلك، وفي صياغة الخطط الواضحة والمحددة وفي آليات متابعتها وتقييمها.
نعم «إشراك المعنيين كافة،» والتوصل إلى تفاهمات معهم، وهنالك سبل مباشرة ووسائل تقنية كثيرة لتحقيق ذلك بيسر وفاعلية.
بعكس ذلك نبقى – لا قدر الله – نراوح مكاننا، والاحتقان وهدر الوقت ليسا في صالح أحد.