قام جبران خليل جبران عام 1923 في المهجر بتأليف كتاب (النبي) بالإنجليزية وقام بتعريبه (الارشمندريت انطونيوس بشير) والناشر دار ميوزيك (جونيه) –لبنان وترجم لخمسين لغة، ويعتبر رائعة جبران العالمية. فمضمونه اجتماعي وفلسفي، ويحوي خلاصة آرائه بمختلف امور الناس والدنيا. وجعلها جبران تورد على لسان نبي سمي (المصطفى) رسالته المتصوف المؤمن بوحدة الوجود، وتتعطش الروح للعودة لمصدرها، والحب جوهر الحياة.
ويعبر جبران عن آرائه في الحياة بمعالجته للعلاقات الإنسانية. متميزاً بأسلوبه وغني بمثاليات «من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، ويفصل عقيدته عن مهنته». ومواضيع طرحها كالزواج والأبناء والصداقة والحرية والموت ببساطة وبنفحة شرقية. وبأسلوب سلس، يقدم للقارئ رسالة روحية تدعونا لفتح الذات ولظمأ أعمق للحياة.
وعندما طلبت منه العرافة (البصارة) خطبة في المحبة قال: «المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. ولا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة». ورأيه في الزواج، «قد ولدتم معاً، وستظلون معاً للأبد. وستكونون معاً عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.
أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود. قفوا معاً ولا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها». وفي الأبناء، يقول: «أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة لنفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم». وفي العمل: «لطالما أُخبرتكم أن العمل لعنة، والشغل نكبة وإنكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الأرض البعيد، خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة».
ولد جبران عام 1883 وسط عائلة مارونية في منطقة «بشري» شمال لبنان وكانت تخضع للحكم العثماني. تأثر بطفولته بمنطقة بشرى الخلابة بمناظرها. وانعكس ذلك بتأثير درامي بكتاباته. تعلم في الدير العربية والسريانية والتاريخ. في سن العاشرة اتهم والده بالتهرب الضريبي وسجن وسلب العثمانيون املاكه، وقررت الام (كاميليا) الهجرة لبوسطن (1895) وعملت بمحل للبضائع واقتاد الجانب الثقافي جبران للمسرح والاوبرا والمعارض واستطاع برسوماته جذب اهتمام مدرسيه فاتصلوا ب «فريد هولند داي» الراعي للفنانين.
وقابل جبران 1896وعرف جبران بالأدب العالمي والكتاب والمصورين وظل يدعم جبران في تصميم الكتب. عاد جبران عام (1898) للبنان. انهى دراسته الثانوية وتعلم العربية والفرنسية، وغادر لأمريكا 1902 ليرعى والدته. وساهم بمقالات بجريدة المهجر. واصدر اول كتاب بالعربية 1905 (نبذة عن فن الموسيقى). و1906 نشر كتابه الثاني (عرائس المروج) و 1908 الثالث (الأرواح المتمردة). و 1908 سافر لباريس لدراسة الفنون وعاد لبوسطن 1910 وعام 1919 كتب القصيدة «المواكب» وتعرف للكاتب المهاجر ميخائيل نعمة واصدر عدة قصائد بالعربية وشارك في الصحف.
السنوات الأخيرة لجبران عاد للبنان (1923-1931) وتعرف بالكاتبة مي زيادة التي تأثرت بكتبه وتولت مسؤولية كتابات جبران واستمرت الاتصالات بينهما. وعام 1931 توفي جبران بسبب سرطان الكبد ولقد تأثر جمهوره بموته كثيراً حيث خلف الكم من كتاباته واروعها كتاب «النبي».
oumeishdermatol@hotmail.com
مواضيع ذات صلة