أ.د. محمد الرصاعي
في كل فرصة تتاح لجلالة الملك عبدالله الثاني مخاطبة الغرب الذي يؤمن بالعقل والمنطق والسعي للفهم الصحيح للأفكار والقضايا يحرص جلالته على توضيح الصورة الصحيحة للإسلام وإزالة التشويه الذي يطال دين الرحمة والتسامح والإحسان للجار والرفيق وحب الخير للجميع.
في حفل تسلم جلالته لجائزة تمبلتون العالمية في الولايات المتحدة الأميركية خاطب جلالته الحضور من الشخصيات العالمية، والقيادات السياسية والفكرية والدينية ووسائل الإعلام التي تبث حفل تسلم الجائزة إلى العالم أجمع أنَّ الإسلام دين النظرة الشمولية، لا الانتقائية عبر اجتزاء تفسير الآيات القرآنية والأحاديث لخدمة أجندات سياسية، وقد ركز جلالته في هذا الحفل وغيره العديد من اللقاءات على تصحيح فهم الغرب للإسلام، وإظهار الوجه الحقيقي المشرق لهذا الدين الذي جاء لينشر العدالة والسلام والمحبة في العالم فالإسلام دين الإحسان والرحمة، لا انعدام العقل والقسوة كما بين جلالته في معرض حديثه.
هذه الفرص الكبيرة التي يتحدث جلالة الملك،وهو من القيادات العالمية التي تلقى احتراما وتقديرا كبيرين في العالم، ويوجه فيها تفكير من يلتقيهم عبر بلدان العالم أجمع هو جهد ودور للحد من أثر ما تمارسه فئات ومجموعات من أبناء الإسلام من سلوكيات وأفعال رعناء تحت وطأة الفهم الخاطئ للدين، إلى جانب تجني بعض وسائل الإعلام الموجهة في الغالب من أعداء الإسلام والحاقدين على هذا الدين والهادفين لتشويه صورته.
ولعل مفهوم الجهاد من أكثر المفاهيم الإسلامية التي يساء فهمها ويوجه في الكثير من الأحيان توجيهاً لخدمة أهداف خارج الدين الحنيف والحكمة من تشريع هذا المفهوم، وفي هذا الصدد أشار جلالته أنَّ أعلى مراتب الجهاد هو جهاد النفس أو الجهاد الأكبر الذي لا يمت بصلة إلى الكذب المليء بالكراهية، والذي يفتريه «الخوارج» أمثال «داعش» ومن هم على شاكلتهم، أو الكذب الذي يدعيه أولئك الذين يخافون الإسلام ويشوهون ديننا الحنيف، وقال جلالته أنَّ الجهاد الأكبر هو الصراع الداخلي للتغلب على حب الذات والغرور، وهو الصراع الذي نتشارك فيه جميعاً سعياً لعالم ينعم بالسلام والوئام والمحبة.
الجهاد الأكبر من المفاهيم الإسلامية الراقية والذي يؤسس الكثير من القيم الإنسانية الإيجابية التي جاء بها الإسلام والتي تعد من ضوابط بناء المجتمع الإسلامي الصحيح البعيد عن الكراهية والتباغض، والمتصف بالمحبة والوئام، هذه القيم التي تمثلت الآية الكريمة « إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.» وحديث الرسول العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم) «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
[email protected]