وعليه، فإنّه كلّما ازداد تمكّن الإنسان من أيّ لغة، سواءً أكانت لغته الأمّ أم لغة غيره، فإنّ ذلك يدلّ على مقدار معرفته بتلك اللّغة ومقدار استخدامه لها قراءة وكتابة ومحادثة، فإذا كثرت ساعات القراءة والكتابة والمحادثة والاستماع بتلك اللّغة كثر بصورة تلقائية مقدار المعرفة التي يكتسبها من جرّاء ذلك.
وعلى هذا، فإنّ إتقان اللّغة عند أي شخص يعكس مستوى معرفته وثقافته، وإنّ عدم تمكّنه من اللّغة يدلّ على ضحالة ثقافته ومحدوديّة معرفته بما كُتِبَ أو نُشِرَ بتلك اللّغة. والسبب في ذلك أنّ الإنسان كلّما ازدادت قراءاته ومطالعاته بلغة ما ازداد تمكّنه منها، وكلّما قلّت قراءته بتلك اللّغة أو استخدامه لها قلّت معرفته بها وتمكّنه منها، كما أن اللّغة هي مفتاح الدخول إلى المعارف والثقافات مثلما هي مستودع تلك المعارف والثقافات، وأنّ كثرة القراءة بتلك اللّغة لا تزيد تمكنه منها فقط بل تزيد معرفته وتعمّق فكره وثقافته أيضاً.
ومعنى ذلك أن المستوى اللّغوي للشخص هو مرآة للمستوى الثقافي والمعرفي له، فكلما كان ما يكتبه محكماً ومتقناً دلّ على أن ثقافته عميقة ومعرفته واسعة، وكلّما كانت كتابته أو أحاديثه ضعيفة وتعج بالأخطاء دلّ ذلك على أنّ معرفته سطحية وثقافته ضحلة.
إنّ مستوى الأداء اللّغوي لأيّ شخص قراءة أو كتابة أو محادثة يكشف عن مقدار ما يقضيه من الوقت في المطالعة واستخدام تلك اللّغة في مجالات شتى، كما يكشف عن مستواه الثقافي والمعرفي الذي يتحقق بصورة تلقائية نتيجة تعامله المستمر والمتنوع مع تلك اللّغة. وعليه فإنّ كثرة الأخطاء اللّغوية في ما يكتبه أيّ شخص هي دليلٌ على ضعف مستواه المعرفي وضحالة مستواه الثقافي والفكري، وإنّ الذين يحاولون التقليل من شأن إتقان اللّغة الأمّ والانتقاص ممّن يدافعون عن اللّغة، إنّما يريدون بذلك التغطية على محدوديّة معرفتهم وضحالة ثقافتهم ومستواهم الفكريّ.
[email protected]
