النائب د. فايز بصبوص
قبل الذهاب للاخبار السيئة هناك اخبار إيجابية وتحمل مدلولا عظيما. وهو قرار دولة الارغواي بأغلاق سفارتها في القدس وإعادة فتحها في تل ابيب مما شكل صدمة استراتيجية لنتنياهو والرئيس ترمب. اما الخبر الاخر والذي يستوجب مقالا تحليليا هو ما جاء على لسان جلالة الملك حول موضوع الكونفدرالية في حواره اخيرا مع المتقاعدين العسكريين. وان كل ما يشاع حول الكونفدرالية هو اشاعات مغرضة وان الأردن لن يتراجع عن موقفة الرافض لهذا المشروع وان حل الدولتين وعروبة القدس وحق العودة خطوط حمراء لن نتجاوزها مطلقا.
والان الى موضوعنا ففي قرار كان مرتقبا ومتوقعا قررت محكمة الكيان الصهيوني العليا يوم الأربعاء قبل الماضي اخلاء وهدم قرية الخان الأحمر، شرق مدينة القدس المحتلة، على أن يتم البدء بتنفيذ القرار بعد أسبوع. رغم ما جرى من تأجيل النظر في ملف الخان الأحمر، وتجميد هدمه مرات عدة، بعد مساع رسمية فلسطينية بوقف القرار من خلال محامين، ورفض عربي ودولي لهذه المحاولات. وأعلنت قوات الاحتلال المنطقة المقامة عليها القرية منطقة عسكرية مغلقة، وأغلقت جميع الطرق الداخلية فيها والطرق المؤدية إليها، وسط مخاوف الأهالي من بدء عملية ترحيلهم، وتنفيذ مخطط الهدم والتشريد.
الخان الأحمر هي قرية فلسطينية بدوية في محافظة القدس، تقع في منطقة صحراوية تمتد على الطريق بين القدس وأريحا، سميت بهذا الاسم نسبة لرمالها التي تميل إلى الحمرة. وتمتد على الطريق
السريع (1) شرق مدينة القدس، وبالقرب من مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، بلغ عدد سكانها عام 2018، حوالي 173 بدوياً من بينهم 92 طفلا يعيشون في الخيام والأكواخ من قبيلة الجهالين البدوية، وهي من القرى الفلسطينية المحتلة عام 1967.
تكتسب القرية أهميتها الاستراتيجية لأنها تربط شمال وجنوب الضفة الغربية، وهي من المناطق الفلسطينية الوحيدة والمتبقية في منطقة (ي1)
كما يوجد في الخان الأحمر مقام النبي موسى، على بعد كيلومترات قليلة من مكان القرية التي سيهدمها الاحتلال، وللمفارقات فهذا المقام الوحيد (تقريبًا) الذي لم يسع الصهاينة إلى تهويده، والسبب في ذلك أنه ذكر في التوراة أن مكان دفن النبي موسى مجهول.
الأهم من كل ذلك هي امتداد لبلدات شرقي القدس (عناتا وأبو ديس والعيزرية والسواحرة)، وهذه المناطق خاصة ابو ديس التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة كما تسرب من ثنايا صفقة القرن فما دام هنالك صفقة ستجعل أبو ديس وعناتا والعيزرية عاصمة لدولة فلسطين، فلماذا تهجير سكان منطقة الخان الأحمر وهي امتداد لهذه المناطق؟
هذا يعني ان الكيان الصهيوني لا يأبه لأي شيء وانه ماضي في سياسة القضم حتى يستولي على كل شيء وان ما قيل عن عاصمة في منطقة القدس للفلسطينيين هي مجرد أداة لتجميل ما تخطط له الإدارة الاميركية والكيان الصهيوني وحلفاؤها الإقليميون ومن خلال هذه الإجراءات تستبق نتائج أي مفاوضات بان كل القدس للصهاينة وان حل الدولتين حتى خارج القدس مرفوض من الكيان الصهيوني وانه يعتبر أي كيان قادم ستكون مهمته تحت سقف الإدارات المحلية والأهلية أي احياء مشروع التقاسم الوظيفي وهو سقف التنازلات الصهيونية كحل سلمي وأي مفاوضات يجب ان تشطب منها مفهوم الدولة الفلسطينية.
اننا ندعو الى جعل معركة الدفاع عن الخان الأحمر والتي دعت الية كل القوى الفلسطينية في الضفة والقطاع وفلسطينيو ال48 هي معركة الرد على هذه المخططات والتي ستكون شرارة لتصعيد النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال وان تكون محطة لدفع الفصائل الفلسطينية نحو الوحدة الوطنية كما توحدت في مسيرة العودة وندعو الشعب الأردني للوقوف بكل إمكانياته وقدراته لدعم هذا النضال بكل الاشكال المتاحة لان مطرقة التهويد السكاني والاجتماعي التي اقرتها دولة الاحتلال الصهيوني من خلال قانون القومية العنصري والشوفيني سيء الذكر سيلقى سندا من خلال ترجمته على ارض الواقع بتوسيع دائرة المستوطنات وصولا الى التهويد المكاني وهو الأخطر.