كتاب

حتى لا تقترف الحكومة الخطأ ذاته!

سمعنا قبل مدة عن عزم الحكومة على تقديم مشروع قانون ضريبة الدخل لمجلس النواب لمناقشته في الدورة الاستثنائية، ثم سمعنا بعدها أن الحكومة عدلت عن ذلك.

قد تكون الحكومة فرغت فعلاً من عمل المطلوب، أو أوشكت على ذلك، وهذا أمر منوط بالحكومة ذاتها ويتصل بحجم الوقت الذي يكرسه الفريق المكلف بالمهمة وبمهارته وكفاءته وقدرته على ترجمة التغذية الراجعة الواردة من عدة جهات معنية بمشروع القانون لأفكار تنعكس على صياغة بنود المشروع صياغة ترضي الأطراف المهتمة به، وهي كثر.

هذا أمر ندركه، ويدركه الناس. وندرك أيضاً أن الحكومة تعمل تحت ضغط الوقت، وبالذات من قبل صندوق النقد الدولي، فالحكومة بحاجة للتوصل لاتفاق مع الصندوق للحصول على تسهيلات مالية مهمة.

من حيث المبدأ التسريع في إنجاز مشروع القانون أمر مفهوم، في ظل أهمية صندوق النقد، وفي ظل وعود قطعتها الحكومة على نفسها بعمل إنجازات في أوقات قياسية، وفي ظل انتظار الجهات المعنية بما فيها الشارع لما سيكون عليه شكل مشروع القانون.

وذكر»الشارع»يوصلنا للنقطة المهمة في هذا المقام: فمثلما تحرص الحكومة على الحصول على توافق مع عدة جهات حول شكل مشروع القانون ومضمونه، ومنها صندوق النقد المذكور للتو، والكتل البرلمانية والنقابات والأحزاب وبعض المؤسسات، لا بد لها من أن تحرص على توافق مع الشارع.

والسؤال المهم هنا: هل تم ذلك؟

بناء على ما نقرأ ونسمع، نستنتج أنه لم يتم – أو على الأقل لم يتم على النحو المرجو.

وهذا أمر مستغرب في ظل أهمية الشارع اليوم، وبالذات بعد احتجاجات الدوار الرابع التي أطاحت بالحكومة السابقة بسبب مشروع قانون الضريبة ذاته، والتي أتت بالحكومة الحالية، وبالذات لتقديم مشروع أكثر ملاءمة وعدلاً، مشروع يعالج الاختلالات الكبيرة ويُعدَّل في ظل الأعباء الضريبية الأكثر شمولأ، كما وعدت الحكومة.

ومن هنا استهجن العديد من الناس إعلان الحكومة عن جاهزية المشروع وعن نيتها تقديمه لمجلس النواب، في الوقت الذي لم تقم بالمطلوب فيما يخص التحاور مع الشارع.

السواد الأعظم من الناس ما زال غير ملمٍّ بالملامح الأساسية للمشروع، وهم غائبون أو مغيّبون عن عدة تفاصيل مهمة فيه، بسبب ضعف أو غياب في آليات تواصل الحكومة مع الناس فيما يخص تفاصيل القانون. ما الذي تمت معالجته في المشروع السابق؟ ما هي التعديلات التي تم إدخالها بالضبط؟ ما الذي يجعل مشروع هذا القانون أكثر إنصافاً وعدالة من المشروع السابق، وبالذات للطبقة الوسطى ولدافعي الضريبة؟ كيف عولج التهرب الضريبي؟

كل هذه وغيرها ما زالت أسئلة لم يستطع الشارع الإجابة عليها بسبب عدم قيام الحكومة بشرحها وتوضيحها على نحو كافٍ.

نذّكر هنا أن الخطأ القاتل الذي ارتكبته الحكومة السابقة، إضافة لشعور الشارع بقيامها «بسلق» مشروع القانون وتقديمه على عجل إلى مجلس النواب، أنها لم تجرِ الحوار الكافي مع الشارع ولم تشرحه بتفاصيله، مما جعل الشارع – كالعادة – عرضة للإشاعات والتكهنات والمعلومات المغلوطة، فاستُفِزّ وأثيرَ، فثارَ، وحصل ما حصل.

المتوقع أن تكون الحكومة على وعي تام بهذا الأمر بالذات، وأن تقوم بحملة تواصل وحوار مكثفة مع الشارع، ومن الأفضل أن يقودها رئيس الحكومة ذاته لأهمية الأمر، حتى يتحقق المرجو من ناحية وحتى نقطع الطريق على الإشاعات والمغالطات وأنصاف الحقائق والتي قد تؤدي – لا قدر الله – إلى ما لا يحمد عقباه، فالشارع مثله مثل الصندوق والكتل البرلمانية والنقابات، شريك مهم في صنع القرار، أو هكذا يجب أن يكون.

amajdoubeh@yahoo.com