كل ذلك التسريب والإجراءات جاءت للتمهيد لما ستقدمه الإدارة الاميركية من مشروع يهدف لاخراج حق العودة من المفاوضات كما اخرجت القدس من المعادلة السياسية، والتي هي احد المرتكزات الأساسية لتمرير صفقة القرن المزعومة تمهيدا للتصفية النهائية للقضية الفلسطينية بضرب ثوابت القضية والقائمة على القدس والعودة والدولة مضافا لها نزع الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ان الخطة الاميركية الصهيونية وبتناغم وموافقات تحت الطاولة وفوقها من قبل دول عربية وإقليمية تقوم على إعادة انتاج مفهوم اللجوء الفلسطيني على أساس القواعد التي تقوم عليها تصنيفات اللجوء في المفوضية العليا للاجئين، والتي تتمحور حول المساعدة الإنسانية للاجئين في ظروف الكوارث الطبيعية او الحروب او الكوارث الاقتصادية، والتي لا تحمل أي ابعاد سياسية او جيوسياسية وذلك من خلال تصفية الأونروا، أي وكالة الغوث والتشغيل للاجئين الفلسطينيين، للوصول الى دمج هذه الوكالة ذات الطابع الرمزي والسياسي والتي ولدت على أساس حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتي تنتهي مهمتها بانتهاء أسباب تأسيسها، أي اللاجئين الفلسطينيين، وهذا يعني إعادة القضية الفلسطينية كقضية بأبعاد إنسانية بحته يطبق عليها كما اسلفنا قواعد التعريف الدولي لللاجئين في المفوضية العليا، والتي تحرم ولا تعترف بتوريث الحقوق للأجيال بمعنى اخر اعتبار اللاجئين الفلسطينيين هم فقط من تبقى من هؤلاء على قيد الحياة فقط لحظة انتهاء حرب ال 1948، اما أبناؤهم واحفادهم فهم خارج التصنيف، وهنا تكمن خطورة الهجوم الشرس على الاونروا والتي لديها تصنيفات أخرى للاجئين الفلسطينيين بان هذا الحق متوارث ولا يسقط بالتقادم وهو حق دولي لا يخضع للاتفاقات البينية هذا هو جوهر خطة ترمب القادمة وهدفها الاستراتيجي اخراج حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
من هنا هذه الخطة ستتبع مسارا تصاعديا وصولا لاغلاق ملف الاونروا تمهيدا لما ذكرناه من مشروع دمج ما بين المفوضية العليا للاجئين ووكالة الغوث المتخصصة فقط باللجوء الفلسطيني كونه ليس فقط لجوءا إنسانيا، انما هو لجوء سياسي جاء نتيجة لاحتلال عسكري فهذا التوجه هدفه الاستراتيجي اخراج حق العودة من معادلة الشرق أوسطية وهذه الجرأة في مس الثوابت المقدسة للفلسطينيين جاءت كنتيجة طبيعية لحجم الرد الخجول الذي لمسه ترمب من قبل الدول العربية على قرار نقل السفارة والاعتراف بالقدس ، وأيضا رد فعل شبه معدوم على قانون القومية للدولة الصهيونية وسيمر هذا القرار كما مرت سابقاته من مشاريع وأدوات تحضيرية لتثبيت الاعمدة والركائز التي ستقوم عليها صفقة القرن.
هنا نقول انه لا بد من وجود استراتيجية حقيقية وفعالة واليات عمل جديدة لمقاومة هذه الهجمة الاميركية الشرسة على القضية الفلسطينية، وعلى الدور الأردني تأخذ طابعا سياسيا واضحا من قبل السلطة والمملكة والبدء بالتحضير لمقاومتها شعبيا بالسماح للحراكات الشعبية والمدنية في التحرك على الأرض وفي الشارع تقدم او تمهد لتحرك شعبي عربي ورسمي للتصدي لهذا المشروع ودفنه قبل ولادته الكارثية.