رأينا
قد يكون العنوان طويلاً، لكنه ضروري في معالجة الاسباب الحقيقية التي دفعت مؤسسة دولية محترمة تقف خلف الاهداف النبيلة التي من أجلها تم اشهار الجائزة في بداية انطلاقتها منذ اربعة عقود ونيف «1972» لمنحها للاشخاص الذين يساهمون في الاعمال الخيرية والاكتشافات العلمية من منطلقهم الروحي وقد سميت هذه الجائزة نسبة للسير ورجل الأعمال الأميركي البريطاني جون تمبلتون.
ولا داعي هنا لسرد الأسماء المشهورة صاحبة الأيادي البيضاء والأعمال المؤثرة التي استحقوا ازاءها هذه الجائزة ذات الابعاد الانسانية العميقة والاسهامات الخيّرة في المشهد الدولي ببعده الخيري والعلمي والثقافي والتنويري وفي المقدمة منه النضال الشاق والصعب المصحوب بدأب ومثابرة لرفض العنف والتطرف والعنصرية والإرهاب وهو ما كرّس جلالة الملك عبدالله الثاني حياته من أجل أن يسود عالمنا ومنطقتنا المبتلاة بالعنف والارهاب وتكالب القوى الظلامية وتلك الطامعة في ثرواتها والراغبة في مصادرة قرارها الوطني وموقعها الجيوسياسي وارثها الحضاري وبخاصة ارثها العربي الاسلامي وتشويه سمعة ومضامين ديننا الاسلامي الحنيف الحاض على السلام والمحبة والاخاء ورفض كل انواع العنف الكلامي والمادي وبخاصة ذلك المتكئ على تفسيرات خاطئة للمجموعات والعصابات الساعية لاختطاف الاسلام والنطق زوراً باسمه.
دلالات منح هذه الجائزة لجلالة الملك تزيد من الثقة بأننا نسير في الاتجاه الصحيح وان جلالته عندما اخذ على عاتقه بكل شجاعة واصرار مهمة الدفاع عن الاسلام رسالة وبعداً حضارياً وانسانياً، انما اراد التأكيد لاؤلئك الذين ارادوا الاستثمار في ارتكابات خوارج العصر أن هؤلاء لا يمثلون الاسلام الحقيقي وان «الاسلاموفوبيا» التي أخذت تنتشر في دول الغرب وتنعكس بالتالي سلباً على صورة الاسلام ومصالح المسلمين وبخاصة منهم اؤلئك المقيمون في دول الغرب، إنما تغض الطرف عن ارتكابات هذه المجموعات الضالة والمضللة وهي تستعيد إرث معاداة الاسلام في القرون الوسطى ما يستدعي الفصل بين الاسلام الحقيقي وارتكابات خوارج العصر وخطابهم الظلامي التكفيري الذي دفع المسلمون الحقيقيون من دمائهم ولحمهم الحي ثمن هذا التطرف في بلاد المسلمين قبل اي دول او شعوب اخرى.
منح جائزة تمبلتون لجلالة الملك تأتي تتويجاً لجهود جلالته المباركة التي لا يستطيع احد إنكار ما أحدثه هذا الإصرار الملكي على مواجهة خوارج العصر وفضح خطابهم ودعوة الغرب الى الفصل بينهم وغالبية المسلمين والدفاع عن صورة الاسلام الحقيقي المتمثلة في الدعوة الى المودة والرحمة والحوار والسلام بين الشعوب فضلاً عن الاثر العميق الذي تركته جهود جلالته في الاوساط السياسية والاكاديمية والدينية ومراكز الابحاث الغربية ناهيك عما كرسته من حوارات وفضاءات لدى الاوساط الاسلامية والعربية والتي تمثّل بعضها في رسالة عمان والحوار بين الاديان وغيرها من المؤتمرات واللقاءات.
فهنيئاً لنا في الاردن هذه الجهود الملكية المباركة التي تلقى دعماً وتأييداً لدى الاوساط الدولية ولم تكن جائزة تمبلتون سوى إحدى تجليات هذا الدعم وذلك التأييد والتقدير.