دأبت قناة «رؤيا»، ومن خلال برنامجها الصباحي اليومي اللافت «دنيا يا دنيا»، أن تفتح نافذة على فلسطين في الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة من كل اسبوع، حيث تطل اذاعية متميزة اسمها «زينة صندوقة» لتصطحبنا في جولة حيوية عامرة في احدى قرى أو بلدات فلسطينية، في بوح شعبي صادق نابع من القلب، يلف الوجدان ويشغل الاذهان، يعبر فيه بعض المسنين عن مشاعرهم ويتحدثون عن ذكرياتهم في مساقط رؤوسهم واماكن ولادتهم ومدارج طفولتهم في تلك القرى الفلسطينية التي اغتصبت عام 1948 او داهمها الاحتلال عام 1967 ، فبعضها قد دمر ودرس وشرد اهلها، وبعضها قد حط به المستوطنون غفلة وعنوة، وقسم منها ما يزال يواجه العدوان، ويقارع الاحتلال ويصمد على أرضه، بالانتاج والاستنبات والتشييد.
وتجيد «زينة» تلك المناضلة الاعلامية في تجوالها، وتتقن في اجرائها لمقابلاتها مع هؤلاء الناس الطيبين الصامدين الصابرين، ومع هؤلاء المصممين على العيش بكرامة وشهامة على ارض فلسطين، التي رأوا النور في افقها، وتنسموا الحياة في هوائها، وهي قد اختارتهم من مختلف الأجيال العربية الفلسطينية، ومن متنوعات الثقافة الفلسطينية، التي تنبثق من مختلف الطوائف والمذاهب الاسلامية والمسيحية، وهم يعبرون عن انتمائهم المتأصل الى الأرض الطيبة ذاتها، والتراث الراسخ اياه، والتاريخ الممتد نفسه، فلقد شاركوا طواعية، وتشاركوا وديا، في صياغته المتينة منذ زمن، وكتابته الواضحة منذ حين من الدهر، وتكوينه المتماسك من مستوى الارض وارتفاع السماء، وتفاعل عناصره الأولية بانسجام وفاعلية، وكان كل ما من شأنه ليحدث الصيرورة المناسبة، وكل ما نتج عنه من هذا الالتحام المحكم بين السكان المواطنين العرب الفلسطينيين الطيبين وبين الأرض المعطاءة والتراب الطهور والشجر الباسق والحجر المبني، وهو الذي منها وعليها ولها أولا وأخيرا.
ان مختلف وسائل الاعلام والتثقيف والتوجيه، بالكلمة المسموعة والحرف المكتوب والصورة النابضة، تحسن صنعا وتؤدي واجبا وتناضل شرفا، ان اهتمت وادركت ووعت مثل هذا الاهتمام والادراك والوعي، الذي تبديه قناة «رؤيا» الأردنية الصاعدة، والتي شبت عن الطوق فور سطوعها على الشاشة الفضية وعبر الفضاء الواسع، ذاك الذي تبديه نحو فلسطين وأهلها وتهتم بهذا البوح الأسبوعي للفلسطينيين من داخل وطنهم وربوعهم، الى جانب شقيقتها الكبرى والأولى القناة الرسمية/ التلفزيون الأردني. وان هذا النشاط الاعلامي المتميز تستحقه فلسطين ويحتاجه الأهل فيها ليراه كل عربي شقيق وغير عربي صديق أو محب، ليس في الأردن الشقيق التوأم لفلسطين، والذي ينتصر للحق الفلسطيني في كل حين، ولا في الأقطار العرب على امتداد الوطن الكبير فحسب، ولكنه رسالة جلية وصوت عال وصورة واضحة الى العالم اجمع على امتداده وبمختلف اطرافه، ليعرف الأنسان في كل مكان حقيقة عروبة فلسطين وحق الفلسطينيين في ارضهم التاريخية وارتباطهم الأبدي بها وتعلقهم بها ونضالهم من أجلها.
ان فلسطين ودرتها القدس ليست قضية محلية تتعلق بالسكان وترتبط بالبلديات، وليست قضية تخص شعب فلسطين وراء النهر المقدس او داخل ما يسمى بالخط الأخضر وحده، كما ان هذه القضية ليست محصورة في نطاق العمل السياسي نشاط الدبلوماسيين وحدهم، ولا يكفي لها برامج اعلامية ولا أن تبقى ضمن النشرات الاخبارية او التعليقات السياسية والاعلامية في اضيق نطاق، انما هي قضية كل القطاعات وكل النشاطات، لتظل تنطق وتلح وتتحرك لصون الحقوق والانطلاق بالواجبات والنهوض بالمسؤوليات نحو فلسطين وقضيتها، في كل مكان وفي كل زمان ومن اي انسان عربي، جماعات وافرادا ومجتمعات ومؤسسات.
dfaisal77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة