كتاب

حوار عربي حول «ثقافة الحوار»

تلبية للدعوة التي وجهت الى منتدى الفكر العربي ولسائر المنتديات الثقافية والفكرية والأكاديمية العربية المشابهة من ادارة التنمية الأجتماعية بجامعة الدول العربية والأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وباستضافة كريمة من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في العاصمة السعودية- الرياض، شاركت في الملتقى العلمي لدعم وتشجيع ثقافة الحوار، في منتصف هذا الشهر. وهو ضمن سلسلة الملتقيات والندوات والمؤتمرات التي تحاول معالجة الظواهر الأمنية والأجتماعية والتربوية الأقليمية والدولية، وتبادل الخبرات ونقل المعلومات حولها من خلال الفكر المتكامل، وقد اكتسى هذا اللقاء بالذات اهميته البالغة من حقيقة أن الوجود الأجتماعي الأنساني لا يتحقق الا بوجود الاختلاف في وجهات النظر، وأن المعرفة وظهور الحق لا تتأتى الا بالحوار والتفاعل الخلاق مع الآخر؛وبالتالي ترسيخ ثقافة الحوار ونشرها من أجل بلورة مجتمع حواري يعيش فيه الناس متساوين في الحقوق والواجبات، وفي سبيل نشر وتنمية وتطوير ثقافة الحوار بين الجميع، باعتبار أن الحوار أحد أشكال التواصل الحضاري والثقافي والأجتماعي، وهو المرتكز الأول للتفاعل الأنساني،ووسيلة التفاهم والتعايش، بعيدا عن الصراع والتعسف والتعصب.

لقد اتضح من خلال الطرح والنقاش في جلسات اللقاء،العزم العربي على اجتثاث الفكر المتطرف المؤدي الى الأرهاب،والتأكيد على سماحة الأديان السماوية، وصولا الى توصيات تؤسس لشيوع ثقافة الحوار بين جميع فئات المجتمع، وبما ينبذ التطرف ويمنع من استغلال التنظيمات الأرهابية للشباب،بما تبثه من أفكار مغلوطة للزج بشبابنا في هذه التنظيمات الغاشمة،التي تتنافى وسماحة الحوار وانفتاحه واتساعه.

لقد اتفق المتحاورون على انه لا بد من تشجيع الاستثمار في برامج التنمية الثقافية والسياسية والاجتماعية، وايجاد أجيال معتدلة قادرة على مواجهة التحديات،تتواءم مع التطورات التكنولوجية الحديثة،رغم ما في عالمها من اختلافات عرقية وثقافية ودينية. وادرك الملتقون وهم من مختلف الأقطار العربية أن المجتمع المتسامح هو الأكثر اجتذابا للمبدعين والمتميزين والأقدر على الأحتفاظ بهم، كما أن المجتمعات المعاصرة تقوم على التشارك والتكافؤ والتنوع الثقافي والفكري، في ظل التحدي الذي يواجهه المجتمع، والذي يتمثل في ما ينبغي أن يبذل بوعي وادراك لتعزيز سمة التسامح، وجعلها النمط الأعتيادي للسلوك من خلال القانون والتربية والتعليم والثقافة والإعلام. هذا علما بأن الخروج من كل أزماتنا الفكرية والتنموية يبدأ بالتعليم،الذي يحتاج الى تعديل جذري للبرامج لكي تعود أطفالنا وشبابنا على التفكير والحوار والنقد، بدلا من التلقين الذي يسلم أبناءنا الى تقبل ما يفد اليهم من ثقافات محلية جامدة وأخرى وافدة.

وليس بخاف أن حق الحياة أصبح مهددا بالزوال بسبب الأرهاب الأصولي، مما يستلزم الحوار ليس لمقارعة الحجة بالحجة،انما للبحث عن مشروع مشترك دفاعا عن حق الحياة.كما أن وسائل التواصل الأجتماعي قد اقتحمت الحياة العائلية فقللت فرص التفاعل والتواصل داخل الأسرة، وقربت المتباعدين وباعدت المتقاربين.فلا بد أن يكون ذلك الوضع وتلك الوسائل جزءا أصيلا مستثمرا ومتدرجا عبر منظومة التعليم النظامي، وبذلك يكون لدينا أجيال لديها مناعة فكرية من التعمية والتضليل والتوهيم، وتتم محاصرة مسببات الغلو والتطرف.

ولما كان تحقيق الذات هو الهاجس الاقوى في نفوس الشباب اليوم، فان بعض الجماعات الخارجة عن الجماعة الوطنية تعمد الى أستغلال هذا المطلب الحيوي لترسيخ مفهوم البراء من المجتمع لدى الشباب،ومن ثم جرهم الى سلوكيات هادمة لمقومات المجتمع. ومن هنا ظهرت اهمية التطوع في تحقيق الذات والعمل على نشر ثقافة التسامح ودورها في دعم وتعزيز ثقافة الحوار، والتي يكون من ابرز محاورها تحسين ثقافة الحوار بين ادارة المدرسة والمعلمين والطلاب، وأكسابهم مهارات الحوار الفعال وآدابه،والتي تطبق من خلالها ضوابط الحوار التربوي الفعال.

عضو منتدى الفكر العربي

عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح

dfaisal77@hotmail.com