ارتأت الحكومة أن الحد الادنى للأجور البالغ 190 ديناراً في الشهر لا يفي بالغرض ، ولا ينصف العاملين أكانوا مواطنين أو وافدين ، فقررت رفع الحد الأدنى للأجور إلى 220 ديناراً في الشهر.
تبدو هذه قفزة كبيرة في مجال العدالة الاجتماعية ، وقد أدرجت الحكومة قرار الرفع ضمن إنجازاتها لسنة 2017.
الحقيقة أن الأجور الفعلية للعاملين تجاوزت الحد الأدنى السابق واللاحق ، ووصلت بالنسبة للعامل اليدوي إلى عشرة دنانير يومياً ومعنى ذلك أن قرار الحكومة لن يغير شيئاً يذكر في معادلة العامل – رب العمل. التي تتحرك وفق عوامل العرض والطلب بصرف النظر عن قرار الحد الأدنى للأجور. وربما كان من المناسب تحديد أجرة اليوم أو الساعة.
ما يزيد المشكلة تعقيداً أن معظم العاملين في قطاعات كبيرة ليسوا أردنيين ، فهل من مصلحتنا رفع أجورهم التي يجري تحويلها للخارج شهريا بالعملة الأجنبية وتشكل عبئاً على ميزان المدفوعات واحتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية؟!.
من ناحية أخرى فإن مبدأ رفع الحد الأدنى للأجور من وقت إلى آخر يرفع كلفة الإنتاج والخدمات ويضعف تنافسية الأردن في نظر السياح القادمين أو العملاء المستوردين الذين لديهم خيارات أخرى.
كما تجاسرت الحكومة على أرباب العمل عندما قررت رفع الحد الأدنى للأجور ، لماذا لا تتجاسر على الفئة المحظوظة من أصحاب الرواتب العالية جداً وبخاصة في القطاع المصرفي والشركات الكبرى حيث تراوح بين عشرة آلاف إلى أربعين ألف دينار شهرياً.
تحديد الحد الأدنى للأجور كان يجب أن يرافقه الحد الأقصى للأجور وكأن هؤلاء المحظوظين صنعوا المعجزات ، وتقوم بعض الدول بالربط بين الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور ، أو بين رواتب صغار الموظفين ورواتب مدرائهم ، بحيث لا يزيد راتب المدير عن عشرة أضعاف أو حتى عشرين ضعفاً ، من راتب الموظف الصغير في نفس المنشأة، ولكن لا يجوز السماح بهذا الطلاق الكامل بين أجر وآخر.
مما يلاحظ في هذا المجال أن رواتب ومزايا المدراء في الشركات الفاشلة والخاسرة التي لا توزع أرباحاً على المساهمين أو تعطيهم بالقطارة يتمتعون بأعلى الرواتب.
ولا ننسى في هذا المجال ظاهرة جديدة لم نعرفها من قبل وهي ما يسمى (بونص) التي ليس لها حدود.
الحد الأدنى للأجور لا يرضي الجميع وربما كان الأفضل ترك تحديد الرواتب والأجور لعوامل السوق الحر ، على أن تتكفل ضريبة الدخل التصاعدية بتلطيف الصورة.