د. فهد الفانك
بعض نوابنا المحترمين بلغ بهم الحماس مبلغاً جعلهم يطالبون بإعادة النظر في معاهدة السلام مع إسرائيل. ولم يقل هؤلاء ما هي الخطوة التالية لأن إلغاء معاهدة سلام يسبق عادة إعلان الحرب فهل المقصود أن يزجوا الأردن دون غيره في هذه المغامرة.
بنتيجة المعاهدة استرد الأردن أرضاً كانت تحتلها إسرائيل، وحصل على حصة من الماء كانت تذهب إلى النقب، وجرى الاعتراف بالحدود دولياً، فماذا حصلت إسرائيل في المقابل غير الأمن على حدودها الشرقية وكان مضموناً، أما نتائج التطبيع الرسمي فيقتصر على تبادل تجاري ضئيل، معظمه مع مستوردين ومصدرين عرب يستحقون الدعم.
الأردن دخل في هذه المعاهدة بعد أن دخلتها أكبر دولة عربية قائدة وهي مصر. معظم الدول العربية المحاذية لإسرائيل أو القريبة منها تتمنى أن تحصل على معاهدة مماثلة، وفي جميع الحالات فإن الأردن يعمل في الضوء عندما يتعلق الأمر بإسرائيل في حين أن دولاً عربية أكبر تمارس الاتصالات السرية، وتسعى للتوصل إلى تحالف ضمني مع إسرائيل ضد عدو مشترك.
ليست هذه أول مرة يقوم فيها نواب بالمطالبة بفتح ملف المعاهدة بهدف إلغائها، وفي كل مرة كانت المسألة لا تعدو ضجة في فنجان، ذلك أن البعض يرى في طرح موضوع المعاهدة كسباً للشعبية وإحراجاً للحكومة.
الدور الأردني في دعم الشعب الفلسطيني واضح ومعترف به ويكاد يصل إلى ما هو أبعد من إمكانياته، كما مارس الأردن مهمات الوصي على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وما يعنيه ذلك من أعباء مالية وأمنية، فهل كان هذا ممكناً من الناحية العملية لولا المعاهدة.
في وقت من الأوقات قبل المعاهدة كنا نتطلع إلى الدول العربية المحيطة بنا كعمق استراتيجي، فماذا حدث الآن: مصر سبقتنا إلى المعاهدة، والعراق أصبح بقبضة إيران، أما سوريا فقد تم تدميرها وأصبحت ميداناً تسرح فيه وتمرح عصابات إرهابية قادمة من أربعة رياح الأرض.
لأول مرة استطاع العرب أن يستعملوا الأسلوب الصحيح الذي يفهمه ويقبله العالم، وأن ينجحوا في عزلة أميركا، وإدانة قرارها الأهوج عالمياً. وهذه ليست عملية سهلة، وهي تحدث لأول مرة على هذا المستوى الشامل فلا يجوز إفساد هذا المجهود عن طريق مزايدات فارغة.
سؤال: إذا ألغيت المعاهدة، وتحولت الحدود الدولية الراهنة إلى خطوط وقف إطلاق النار، فمن يتحمل مسؤولية النتائج؟.