اشتدت احتجاجات النواب المحترمين، وارتفعت أصواتهم ضد رفع أسعار الكهرباء بمعدل 4 فلسات للكيلو وات ورفع أسعار الكاز بمقدار أربع فلسات للتر الواحد ليتساوى أو يقترب من سعر السولار، لدرجة أن رئيس المجلس اضطر لرفع الجلسة لمحاولة التفاهم حول الموضوع في لقاءات تشاورية مع الحكومة وبين النواب أنفسهم.
تحديد الأسعار ورفعها أو خفضها من اختصاص السلطة التنفيذية أي الحكومة، أما رقابة المجلس على قرار الحكومة بهذا الشأن فيكون من خلال الموازنة العامة، بحذف الإيراد الناشئ عن هذا الرفع من الموازنة. وفي أحسن الاحوال استدعاء فكرة المشاركة بين الحكومة والمجلس في عملية صنع قرار مهم كهذا يمس جيوب المواطنين.
التفاهم بين الحكومة والنواب حول زيادات الأسعار أمر مرغوب فيه، وفي جميع الحالات فإن تحريك الأسعار يظل من اختصاص مجلس الوزراء.
فرق الأسعار الناشئ عن تنفيذ القرار المشكو منه كان سيشكل إيراداً إضافياً للخزينة، ويخفض عجز الموازنة، ويحول دون ارتفاع المديونية. ومن هنا فإنه لا فرق عملياً بين أن يطلب النواب تخفيض أسعار الكهرباء والكاز الذي قررته الحكومة، وبين أن يطالبوا بزيادة عجز الموازنة والسماح برفع المديوينة؟ فهذه هي النتيجة الطبيعية.
هناك حقيقتان متلازمتان لا تستطيع أن تأخذ بأحداهما وتتجاهل الاخرى، وهما الخيار بين رفع الأسعار كما تريد الحكومة أو زيادة العجز والمديونية كما يريد النواب.
كسب الشعبية يتطلب الاخذ بأحد جوانب المعادلة دون غيره، فهم يرفضون رفع الأسعار ويتجاهلون أن النتيجة رفع العجز والمديونية.
هناك منطق لا يجوز أن يقفز عنه العقل، فعندما تدفع الطبقة العليا سعراً للكهرباء يعادل ستة أمثال السعر الذي تدفعه الطبقة الفقيرة، فمعنى ذلك أن كل 4 فلسات على استهلاك كهرباء الفقير تعادل 24 فلساً على الكيلو واط للغني.
أما الكاز وهو أنظف من السولار على سلم المنتجات النفطية، فإن بيعه بسعر يقل عن سعر السولار يخدم الغشاشين الذين يخلطون السولار بالكاز الرخيص ثم يبيعون المزيج بسعر السولار ويحققون أرباحاً غير عادلة من جهة ويلحقون الضرر بالسيارات والآليات التي تستخدم السولار.
وراء الحكومة جيش كبير من معارضي كل إجراء عندما يخدم ذلك شعبيتها ووراء النواب حشد كبير من المطالبين بمنع الرفع عندما يخدم ذلك شعبيتهم.
لا معنى لشعار الاعتماد على النفس، طالما أننا نلتمس المعونة من الخارج لمجرد توفير الكهرباء والماء للمستهلك بأقل من الكلفة.