من المألوف عند العديد من العائلات الأردنية أن تمتطي سياراتها الخاصة، وتعبا السيارة بافرادها ويقودها رب الأسرة او احد الأبناء ، ويأخذ بعبورشوارع المدينة، بقصد التنزه ومن غير هدف وبدون قضاء حاجة معينة، ويكون ذلك عادة قبيل الغروب وحتى ساعة متقدمة من المساء، وبخاصة أيام عطلة نهاية الأسبوع. وعلى الرغم من ان مثل هذه الرحلة تتم غالبا في شوارع مكتظة ويكثر فيها التوقف والانتظار، وسط ازعاج اطلاق ابواق التزمير من مختلف السيارات المتوقفة او السائرة ببطء وبصعوبة، بالاضافة الى اللجوء الى اغلاق النوافذ او الاضطرار الى الاندماج بالجو الخانق صيفا والبارد شتاء، والخضوع لمزاج بعض الصغار من ابناء الأسرة في تصرفاتهم غير المسؤولة، مما يزيد من ارتفاع مستوى التوتر لدى الأب – السائق عادة- ويزيد من ارتفاع صوته وغضبه في تنديده لبعض تصرفات هؤلاء الأبناء، وما يرافقها من مبادرة الأم في رجائهم ونصحهم بالالتزام بالهدوء والسكينة، هذا عدا عن ان الرحلة بحد ذاتها لم تأخذ الأسرة الى خارج الأماكن المكتظة الى مناطق نقية الهواء، يتوفر فيها الهدوء مما يعكس على الجميع راحة البال والارتياح والابتهاج.
لم الحظ في الدول العربية وغير العربية التي اقمت فيها او زرتها لمدد طويلة نسبيا، عادة تجول العائلات بسياراتها الخاصة داخل المدن ووسط البلد وبالشوارع المكتظة والتي تنشط فيها حركة السير، بقصد التنزه او التسلية او تمضية الوقت، وان كانوا يستقلون سياراتهم الخاصة بغية شراء الأحتياجات، او القيام ببعض الاجراءات لدى مؤسسات بعينها، او للوصول الى اماكن بعينها،تصلح للمشي او للجري أو للسباحة او للتأمل أو مشاهدة المناظر الطبيعية، ويتوفر فيها الهدوء وتبتعد عن الصخب والازدحام.
يرافق هذه العادة التي يمارسها العديد من المواطنين في مختلف المدن الأردنية الكبيرة منها والصغيرة،عادة أخرى قريبة منها،وهي عادة الاصرار على استخدام السيارة حتى في سبيل قضاء حاجات بسيطة تقضى من محال قريبة من البيت، كالذهاب الى المسجد او البنك او مكتب البريد او البقالة الصغيرة القريبة او المكتبة وما شابه.
ويشابه هذا التصرف في استخدام السيارة الخاصة تصرف آخر يتكرر من الكثيرين،وهو محاولة الوصول الى أقرب نقطة يمكن الوصول اليها للدخول الى المكان الذي يقصدونه،كالمسجد عند صلاة الجمعة والصيوان عند تقديم العزاء في مواساة الآخرين، والقاعة عند تلبية الدعوة لحضور حفلة زفاف،حتى اذا ما وجدوا اماكن وقوف السيارات قد اشغلت بالتوالي حسب قربها الى البوابة،عمدوا الى ما يعرف بالوقوف المزدوج،وهو مخالف بحكم نظام السير العام،فما بالك بالوقوف الثلاثي الذي يبالغ البعض به في مخالفة النظام، تحت انطباع استبعاد المخالفة في اوقات بعينها، حتى بلغ الأمر عند البعض، وخاصة من اصحاب السيارات ذات الدفع الرباعي الى اعتلاء الرصيف،او الوقوف في منتصف التقاطع على هيئة دوار مفتعل، تدور السيارات الأخرى من حوله. والأدهى في مثل هذه السيارات المخالفة،أن اصحابها يتأخرون في العودة اليها،ويظل الذين يفاجأون بمحاصرة سياراتهم،وهي الواقفة بوضعية سليمة،منتظرين الفرج والانطلاق للعودة الى منازلهم واشغالهم، وربما يمتد الانتظار الى اكثر من بضع دقائق.
ان مثل هذه الاستخدامات للسيارات وتلك التصرفات في حالات الوصول والوقوف بها، يترتب عليها الكثير من الأضرار على أصحابها وعائلاتهم وعلى الآخرين وعلى اتساق السير العام في الشوارع والطرقات، وهذه الأضرار مادية ومعنوية وكذلك هي جسمية ونفسية عدا عن اصابتها للعلاقات الاجتماعية بين الناس بالآثار السلبية،وهي تتطلب الوعي بها والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع.
dfaisal77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة