اضحى من المألوف ان ترى الكثير من الأمهات غالبا والآباء نادرا، يقودون سياراتهم حاملين اطفالهم ورفاق اطفالهم الأقربين، عبر الشوارع والدواوير والمنعطفات‘ للوصول بهم الى بيت احد رفاق هؤلاء الأطفال لحضور حفل عيد ميلاده او لمناسبة مماثلة، في منطقة أو حي يدخلونه أول مرة في عمان او غيرها من المدن الكبرى كاربد والزرقاء.
كان هذا الأمر ميسورا في قديم الزمان في ظل بساطة المكان ومحدودية الرقعة وخلو الشوارع والمعرفة المتيسرة للمواقع، ولكن الآن بعد ان زاد الانتشار السكاني والتوسع العمراني وكثرت المركبات وازدحمت الشوارع وترامت أطراف المدن، اصبح الأمر أكثر تعقيدا وصار الوصول الى الغاية من التنقل والانتقال اشد صعوبة.
لذا صار كثير من هؤلاء الناس في الآونة الأخيرة يعتمدون على تقنية جديدة للمعلومات من خلال استخدامهم الهواتف الذكية، لتدلهم على الأماكن التي لا يعرفونها مسبقا ويسعون للوصول اليها في الوقت المحدد تقريبا والذي اقترب حلوله، اما بالاتصال الهاتفي المباشر مع اهل البيت الذي يقصدونه لتوصيف مسار الوصول اليه كذكر اسم الشارع وتعيين رقم زاوية الانعطاف يمين / يسار،او ذكر مكان بارز ينبغي ان يمروا من امامه كمدرسة او مركز صحي او صيدلية او مسجد او كنيسة وما شابه. وهنا يحدث الارتباك بالمسير وقيادة السيارة اذ ينشغل من يسوق السيارة بمتابعة التوصيف،مع الاضطرار لشد الانتباه الى المعالم والتسميات الواردة بالمكالمة من الطرف الآخر،مما يفقده القدرة على الامساك بمقود السيارة والانتباه لحركة في نفس الوقت، وخاصة مراعاة مرور المشاة وخصوصا هؤلاء الأولاد الذين يركضون او يتعاركون او يمرحون وسط الشارع او على المنعطفات، ناهيك عن مفاجآت التخميس والتهور والمباهاة التي يبديها بعض الشباب عند عبورهم هذا الشارع أو ذاك.
وثمة تقنية جديدة مضافة الى تقنية الهاتف النقال (الموبايل) الا وهي نظام الاستقصاء الجغرافي G.B.S. التي تعتمد على كل من السمع والنظر، ويضطر من يقود السيارة الى التحديق بها اثناء المسير، وفي كثير من الحالات لا تتوفر قواعد ثابتة لوضعها على زجاج النافذة الأمامية للسيارة، فيلجأ من يريد وصفا معينا لمكان معين ان يحملها بيده، وفي كل الحالات لا بد من تغيير الاتجاه أو الاستدارة وسط الشارع او الرجوع الى المنعطف الذي سبق، او الانزلاق في المنخفض الموازي للشارع او المرور بالاتجاه المعاكس او المرور بالاتجاه الممنوع، بمعنى تجاهل العلامات واليافطات الموضوعة لتوفير الأمان لمختلف السائرين في جميع الاتجاهات.
ان مثل هذه التصرفات في استخدام التقنيات الحديثة والمستحدثة تعكس مظاهر من السلوك المخالف قانونيا والمسيء اجتماعيا والضار نسبيا وغير لائق اخلاقيا، علينا ان نتبه الى خطورته، كما علينا تجنبه والاقلاع عنه ان اصبح عادة، وان في موقف المواطن مع الحقيقة والصواب والاستقامة لأفضل كثيرا من تلقي المخالفات ودفع الغرامات، في الوقت الذي تتزايد فيه الاساءات واحداث الأضرار بالآخرين والاعتداء على المرافق العامة التي توضع اساسا من اجل سلامة المواطن وتأمين شروط راحته واطمئنانه.
dfaisal 77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة