رأينا
النشاط السياسي والدبلوماسي المكثف الذي تشهده عمّان والزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها رؤساء دول وحكومات شقيقة وصديقة إلى بلدنا ونتائج المحادثات المعمقة التي تجري بين جلالة الملك عبدالله الثاني وهذه الشخصيات صاحبة القرار في بلدها، تعكس حجم وطبيعة الدور الأردني الحيوي والمحوري في ملفات وقضايا المنطقة والاحترام والتقدير الذي يحظى به جلالة الملك شخصياً واسهاماته الايجابية والفاعلة في هذه القضايا والملفات وبما يخدم المصالح الوطنية العليا ويسهم بالتالي في خدمة قضايا الأُمّة ومصالح شعوبها وصيانة حقوقها في الحرية والتخلص من الإرهاب والمعاناة التي فرضتها الجماعات الإرهابية على دول المنطقة وشعوبها، فضلاً عمّا يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من ممارسات تناقض القانون الدولي وتعطّل عملية السلام عبر مواصلة الاستيطان ومحاولات تغيير الواقع التاريخي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
من هنا جاءت المباحثات التي أجراها جلالة الملك مع الرئيس الفلسطيني مؤشراً واضحاً على مواصلة الأردن التزامه بدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وبخاصة دعم اتفاق المصالحة التي يرى فيها جلالة الملك عن حق وبُعد نظر انسجاماً مع قناعات الأردن الراسخة بأن المصالحة الفلسطينية خطوة مهمة لتحريك السلام في الوقت نفسه الذي يواصل الأردن القيام بدوره التاريخي في حماية المقدسات والعمل بلا كلل لايجاد آفاق سياسية مع ادارة الرئيس الأميركي ترمب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبما يقود الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مُشدّداً جلالته على الموقف الأردني الثابت والمُعلن والذي اثبتت الوقائع ويوميات الصراع صحته ودقته وهو أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وجوهر الصراع في المنطقة وهي دوماً كانت وستبقى على رأس أولويات السياسة الخارجية للمملكة.
القراءة الأردنية العميقة للمشهد العراقي كانت هي الأخرى في صلب مباحثات جلالته مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حيث أعاد جلالته التأكيد على موقف الأردن الثابت بدعم العراق للحفاظ على أمنه ووحدة أراضيه باعتبار أن العراق المستقر والموحّد هو ركن أساسي لاستقرار المنطقة فضلاً عن الحرص الأردني العراقي المشترك لتعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والتنسيق في المجالات كافة، الأمر الذي يترجمه الأردن عملياً عبر استعداده لتقديم كامل الدعم لبغداد وبكل الامكانات وبخاصة ثبات موقف بلدنا وقيادتنا بدعم العراق في جهوده للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وتماسك شعبه وبما ينسجم مع الدستور العراقي.. في الوقت ذاته الذي هنأ فيه جلالة الملك رئيس الوزراء العراقي بالانتصارات التي حققها الجيش العراقي على عصابة داعش الإرهابية في مختلف المناطق العراقية.
ما يبذله جلالة الملك شخصياً وما تنهض به الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالته بحكمة واقتدار وبُعد نظر وقراءة دقيقة وعميقة للمشهدين الإقليمي والدولي يحظى باحترام وتقدير عاليين في الأوساط العربية والإقليمية والدولية نظراً لانحياز الأردن غير المحدود لقضايا أمته والتزامه القانون الدولي ورفضه التطرف والعنف ومحاربته الإرهاب بلا هوادة ودعوته الدائمة للحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية على قاعدة الالتزام بالشرعية الدولية وبما يحفظ الحقوق العربية والإسلامية ويهيئ السُبل والأسباب لتجاوز المحن والمعاناة التي تمر بها شعوب أمتنا في هذه الظروف الصعبة.