الاب رفعت بدر
العنوان أعلاه مأخوذ من مؤتمر عُقد في ألمانيا قبل أيامNew paths to peace، ونظمته جمعية سانت إيجيديو المعروفة بنشاطاتها المتعددة في العالم دعماً لقيم العدالة والسلام. وتم اختيار العنوان للدلالة على إمكانية»الابداع» في طريق السلام الشائك، مثلما يبدع أنصار الحروب بانتهاج أسلحة جديدة بينفينة وأخرى. وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من القادة السياسيين والدينيين الممثلين عن مختلف الأديان وتفرّعاتها العالمية.
فالسلام هو «عطش البشرية الجامع» وسط الأعاصير التي تحدث وتبيّن أنّ المصالحة صعبة وشاقة، وحيث لا طريق للمفاوضات والحوار، وكأننا في ليل طويل من العنف العالمي، حيث نصحو كل صباح ونجد تفجيرًا جديدًا هنا أو هناك. ولا تخلو البيوت من العنف، بل هنالك العديد من الجرائم المنزلية التي تحدث ليل نهار وتفاقمتونال مجتمعنا مع الأسف منها نصيب كبير.
لقد جرّب العالم طرقًا عديدة، ومنها الكراهية، ومنها نسب اسم الله تعالى والدين إلى حماقة الإرهاب والقوة الوهمية للسلام. وهنا يكتشف العالم اليوم، بعدما انحسرت العديد من القوى الظلامية، بأنّ الحرب ليست مقدّسة، ولا يمكن أن تكون هكذا، وأن العنف المبنيّ على كراهية الآخرين، لا يمكن أن يجد تبريرًا في استخدام اسم الله تعالى.
ومن المخاطر التي تم التحذير منها في المؤتمر المذكور هو «فخ اللامبالاة» وهو أن يعيش شعب، أو أفراد بدون أدنى اكتراث لما يحصل في الكون من مآسٍ وتدمير وإرهاق للأرواح البريئة. وكأنّ اللامبالاة أصبحت متعولمة شاملة. الجواب هو في الشعور بآلام الآخرين، وليس التشفي بهم، ولا «الانبساط» حين يحدث أي سوء تجاه آلام الضحايا وأهاليهم، وبالأخص لدى الصغار الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وُجدوا في تلك البقعة من الكوارث الطبيعية أو البشرية.
حقًا، إن التنبه لآلام الناس هو من أجلّ ما يمكن القيام به في مجتمعنا الوطني، وفي مجتمعنا الإنساني، وقد شهد الأسبوع الماضي عددًا من الأنشطة المحلية والدولية التي عكست الصورة الإيجابية للتكافل الإنساني والاهتمام بآلام الناس ومعاناتهم. وما افتتاح التوسعة الجديدة من مستشفى الحسين للسرطان من قبل جلالة الملك المعظم إلا إشارة على أننا في هذا الوطن نعمل على تخفيف الألم وانتهاج أحد «الطرق» للوقوف إلى جانب المرضى وذويهم. وتصب في نفس الخانة زيارة البابا فرنسيس التصالحية في كولومبيا وقد وصفت بالزيارة الأكثر حساسية نظرًا للحرب الأهلية التي دامت نصف قرن وحصدت مئات الألوف من الأرواح بنيران وطنية «صديقة»، ويصب كذلك هنا التعاطف الدولي والإنساني الشامل مع ضحايا الأعاصير في أميركا.
عاشت الإنسانية في أبهى صورها وأنبل تعابيرها.
[email protected]