الاب رفعت بدر
لفتة مؤثرة، حين قدّم سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، كلمة الأردن من على منبر الأمم المتحدة، وذلك بمصادفة جميلة مع إحياء العالم لليوم العالمي للسلام.
الأمير الشاب خاطب العالم كله، بلغة رائعة وبوقفة أردنية هاشمية شامخة، ولفت أنظار الأسرة البشرية والعائلة الإنسانية إلى خطر داهم هددّ ويهدد سلامة واستقرار العالم، حين قال: «إن ضمير العالم، بوضعية الصامت». ووضعية الصامت أو مصطلح الكتروني يستخدم في الهواتف الذكية حين لا يريد الانسان ان يزعجه احد، وهذا هو النفس الشبابي الذي خاطب الأمير به الأسرة الكونية بلغة الشباب وهمومهم وآلامهم ومخاوفهم وآمالهم وتطلعاتهم.
نعم يا سمو الأمير، الضمير الإنساني بات صامتاً إزاء كوارث العالم، سواء الطبيعية أو البشرية، وبات صامتاً حين تصرف كما قالت سموك مليارات الدولارات على الأسلحة – شراء وبيعاً – بينما لا تصرف على تحسين أوضاع اللاجئين وتربيتهم وصحتهم وسلامتهم.
صامت هو ضمير العالم حين يشاهد المرء آلام الأطفال والنساء والشيوخ، تصيح وليس من مغيث. ضمير العالم صامت حين تباح بيوت العبادة وتنتهك حرمتها وقدسيتها، وما زال أشخاص يهجرون من بلدانهم بسبب معتقداتهم، وهذا ما حدث مع مسيحيي الموصل بالأمس ومع مسلمي الروهينجيا اليوم... وهو ما حدث ويحدث لإخوتنا في فلسطين المحتلة، سواء المسلمين أو المسيحيين.
سيدي سمو الأمير، يا من منحك والدك وملكنا عبدالله، أن تقف على منبر الأمم المتحدة، لتتحدث باسم مملكتنا العتيدة، وممثلاً لأجيال الأردن الصاعدة والباحثة عن عالم تسود فيه الكرامة الانسانية والعدالة الإجتماعية، لقد شكل كلامك جرس إنذار أو إيقاظ لضمير العالم من سباته ومن وضعية صمته. ولقد وضعت العالم بكباره وصغاره أمام مفترق طرق وأمام خيارين، وهما: إما أن تسقي بالماء الشجرة المثمرة، وإما أن تصب الزيت على النار المستعرة.
وقد جاء كلام أمير الشباب ليصب الدواء على جروحات العالم المخيفة والمستمرة... وأهمها جرح صمت الضمير.
واستجابة لدعوة سموه إلى سقاية الشجرة، كانت الكاريتاس الأردنية تجمع قرابة ألف شاب وشابة جاءوا من أكثر من خمسين دولة في العالم، لإحياء مؤتمر الشباب من أجل السلام، تحت شعار: «حان وقت السلام». وكان عنبر الافتتاح، وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شباب العالم الذين سقطوا من جراء عنف الطبيعة أو الكوارث، وبالأخص من عنف الانسان وإرهابه، أنصت الشباب من جديد لإعادة مصورة لكلمة سمو الأمير...
واستقوا منه عبراً كبيرة، وأهمها ألا يكون الضمير نائماً ولا صامتاً.