من هنا جاء البيان المشترك الذي صدر بعد مباحثات الزعيمين ليضيء على حجم التطابق في الرؤى والقراءات الاردنية التركية ازاء ملفات المنطقة وقضاياها وايضاً في الحرص المشترك على الارتقاء بالعلاقات الثنائية الى مستويات أعلى واكثر تطوراً افقياً وعامودياً وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين. هذه العلاقات المتجذرة والراسخة والمستمرة نمواً وصعوداً مضطرداً منذ سبعة عقود والقائمة في الاساس على الاحترام المتبادل وجاءت زبارة الرئيس اردوغان مناسبة للاحتفال بمرور سبعين عاماً على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لتؤشر الى رسوخ هذه العلاقات والاصرار المتبادل على توطيدها سواء كانت اقتصادية أم تجارية أم استثمارية, كذلك في حرص الزعيمين الكبيرين على مواصلة النهوض في تطوير علاقات التعاون الدفاعي والامني بين البلدين وادامة التنسيق المستمر والوثيق في هذين المجالين.
قضايا وملفات المنطقة الساخنة اخذت حيزاً كبيراً على طاولة المباحثات الاردنية التركية إن لجهة تداعيات الازمة السورية التي ارخت بظلالها على البلدين وبخاصة ازمة اللجوء السوري والاعباء التي يتحملها البلدان نيابة عن العالم اجمع ما يستدعي ضرورة قيام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وزيادة دعمه للدول المجاورة لسوريا لتمكينها من التعامل مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والامنية المتزايدة ام لجهة الاهمية التي يوليها البلدان لايجاد حل سياسي لهذه الازمة عبر مسار جنيف وبما يحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ وحدة الاراضي السورية وينهي العنف والمعاناة ويحقن دماء السوريين ويسمح بعودة اللاجئين.. في الوقت ذاته الذي عبر فيه الزعيمان عن تقديرهما للدور الايجابي الذي توفره اجتماعات استانا في تهدئة الاوضاع ميدانياً من خلال وقف اطلاق النار الشامل في سوريا الذي اعلن في نهاية العام واتفاق خفض التصعيد الذي وقع في اذار من هذا العام..
القضية الفلسطينية حظيت هي الاخرى باهتمام خاص من الزعيمين وبخاصة في دعوتهما الى اعادة اطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تنهي الصراع استناداً الى حل الدولتين وبما يكفل قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقي تعيش بأمن وسلام الى جانب اسرائيل, في الوقت ذاته الذي حرص فيه الزعيمان على التذكير بأن مفاوضات السلام الجديدة يجب وبالضرورة أن تتم وفقاً لجدول زمني واضح استناداً الى قرارات الشرعية الدولية خاصة مبادرة السلام العربية.
للقدس مكانة خاصة لدى الاردن وتركيا ولهذا كان البيان المشترك حاسماً وجازماً في معارضة ورفض أي محاولات اسرائيلية لتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الاقصى الحرم القدسي الشريف ولجميع الاجراءات الاسرائيلية احادية الجانب التي تهدد هوية القدس الشرقية وكانت المباحثات الاردنية التركية فرصة للدبلوماسية التركية لتأكيد الرئيس اردوغان على اهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والدور الخاص الذي يضطلع به الاردن في تحمل هذه المسؤولية.
جملة القول أن القمة الاردنية التركية كانت ناجحة بكل المعايير وحققت أهدافها وكرّست علاقات صداقة أخوية راسخة بأفق مفتوح للارتقاء بها في كل المجالات وعلى كل الاصعدة.
