د. فهد الفانك
في موازنة العام الحالي (2017) مبلغ 100 مليون دينار للإعفاءات الصحية التي يقررها رئيس الحكومة أو وزير الصحة، وقد تم إنفاق المبلغ بأكمله خلال الثلث الأول من السنة، مما يعني أن الكلفة السنوية لتقديم هذه المنحة سترتفع إلى 300 مليون دينار، تعادل موازنة وزارة.
في تبرير هذا النزيف المالي غير المنضبط ، يقول وزير الصحة أن هذه المبالغ الطائلة تذهب لمستحقيها، والمقصود طبعأً الفقراء الذين لا يملكون تأميناً صحياً. لكن الفقراء لا يستطيعون الوصول إلى الرئيس أو الوزير للحصول على الإعفاء، فتكون النتيجة أن المنح تذهب لأصحاب النفوذ أو تتقرر تحت ضغط الواسطة وعلى كل حال فإن عدد المستفيدين من الإعفاء يناهز 40 ألفا سنوياً فهل يستطيع الوزير أو الرئيس أن يتأكد من استحقاقهم؟.
إنفاق الأردن على الصحة لا يقل عن 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أعلى النسب بين البلدان النامية، وتزيد عن نسبة الإنفاق على التأمين الصحي في أميركا بموجب نظام التأمين الصحي الذي وضعه اوباما والذي يحاول نواب وشيوخ الحزب الجمهوري إلغاءه الآن بحجة الكلفة العالية.
الاستجابة لبعض الطلبات ورفض بعضها الآخر، ومعالجة مريض معين في مسـتشفى الحكومة وآخر في مستشفى خاص، يعني أن هناك منطقة مفتوحة للاجتهاد تقترب من حالة الفساد.
إذا لم يكن بد من معالجة حالات خاصة مقنعة فلا أقل من هيئة مسـتقلة ولجنة طبية يتغير أعضاؤها دورياً لفحص المريض والتأكد من حاجته، وتحويل المريض إلى هذا المستشفى أو ذاك حسب حالته على أن تقيم اللجنة في مستشفى البشير- عاصمة الطب الرسمي.
طال الزمان أم قصر فإن الأردن مقبل على نظام تأمين صحي شامل، خاصة وأن الاغلبية الساحقة من العائلات مؤمنة حالياً، ليس من الحكومة فقط بل من البنوك والشركات والمؤسسات الخاصة أيضاً، فلا يبقى سوى ثلث السكان.
صندوق التأمين الصحي يجب ان تكون له موارده المالية الخاصة به على أن تدعم الموازنة الصندوق حسب الحاجة.
التأمين الصحي الشامل لا يعالج بعمود صحفي وهو يشمل تفاصيل وأبعادا ليست مالية فقط بل اجتماعية وإنسانية أيضاً، وهذا العمود لا يهدف لأكثر من إثارة الموضوع لعل المختصين يدخلون على الخط.