تشهد البلدات والقرى البعيدة عن المدن الكبرى حراكا كبيرا ملموسا باتجاه انتخابات مجالس المحافظات والبلديات، مثلما تشهد المحافظات التي تبعد عن العاصمة حراكا واسعا بنفس الاتجاه الذي يهدف تأكيد الصفة التمثيلية الشعبية في تناول الشأن العام، هذا النوع من الحراك الشعبي يدل على رغبة شعبية اكيدة في ايجاد حالة من اللامركزية في ادارة الشؤون المحلية على مستوى المحافظات وتعزيز نموذج راسخ في ادارة الشؤون البلدية عن طريق مجالس منتخبة، تضم نخبة من اهالي اية منطقة وسكانها، وذلك مما يعبر عن القناعة العامة بالنهج الديمقراطي لادارة الشأن العام والمصلحة العامة، وينبىء بنجاح تطبيقات فكرة اللامركزية، بعد مباشرة مجالس المحافظات لأعمالها ونشاطها، وخاصة عندما تخطط لمستقبل المحافظة بالأدراك الأهلي وبامكانيات المحافظة وجهود ممثليها في تلك المجالس المنتخبة.
ستتجه الأنظار الى الصناديق العزيزة التي ستحسم السباق بنتائج غير معروفة وغير محسوبة وغير خاضعة للاستقصاء، وتقتصر مسبقا على حسابات تحتمل الخطأ أكثر مما تحتمل الصواب عادة، ويترقب المعنيون نتائجها ولديهم خشية من المفاجأة، وتخوفا من تداعيات الفشل وأسباب السقوط، بينما يضع عدد من المترشحين وأنصار المترشحين في حسابانهم، حتمية النجاح واحتمالية الفوز، بعضهم لشعورهم بأن شعبيتهم ستقودهم إلى الفوز، أو رصيد خدمتهم لمناطقهم وسكانها فيما مضى، وبعضهم لظنه بأن الوعود المبذولة ممن تحدثوا إليهم خلال الحملة الانتخابية، كانت توحي بالمناصرة والتأييد، وبعض آخر ظن أن الابتسامة وحسن الضيافة، ومد يد العون أو المساعدة، لا بد وأن تؤتي أكلها بالأصوات، التي ستلقى في صناديق الاقتراع.
أما الحسم فهو بأيدي الشباب، وعبر أصواتهم، التي سوف يسطرونها على أوراق الترشيح، ويلقونها بمحض اختيارهم في الصناديق الموضوعة، بعيدا عن أعين الآخرين، وبعيدا عن أي مؤثر آني، لا يحاسبهم فيه إلا الله سبحانه وتعالى وضمائرهم الحية، وأصواتهم تلك هي التي ستشكل المجالس المحلية (محافظات وبلديات ورؤساء بلديات) المنتظرة، والتي يتشوق المواطنون في المدن والبلدات والقرى أن تتوافر في خصائص أعضائها وقدراتهم وسيرة كل واحد منهم، كل صفات النبل والنقاء والنظافة والطهر، وكل مقومات المواطنة المخلصة والأبية وذات بذل وعطاء وتضحية من أجل المجتمع المحلي والوطني، وهما يستحقان منا أن نبادلهما كمواطنين وفاء بوفاء وعطاء بعطاء.
ان الأردن ليأمل أن يتنبه المواطنون عامة والشباب خاصة كبناة للمستقبل، لحقيقة دورهم الكبير في هذه التجربة الانتخابية الحرة الواسعة، وإلى جلاء حقهم في ممارسة التصويت، وإلى طبيعة واجبهم في المشاركة في اختيار ممثلي البلدة والمحافظة، وليدرك الجميع بأن اختيارهم الدقيق وانتقائهم المبني على الانصاف والموضوعية، هو الذي يحدد تلك الملامح الرائعة والصفات الجذابة والخصائص الايجابية لأعضاء مجالس محلية جديدة قائدة للعمل التنموي المحلي ورائدة للمشاركة الشعبية في العمل العام البناء.
dfaisal77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة