خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

جيل الضياع !

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
احمد ذيبان قمة المأساة الانسانية ،أن يتم المقارنة بين الموت بسبب الحرب الأهلية، وبين فقدان الهوية نتيجة التهجير الناجم عن تلك الحرب وفي الحالة السورية حصدت الحرب المجنونة أرواح مئات الالاف من المدنيين ،وأعدادا يصعب حصرها من الجرحى والمعوقين والأيتام والأرامل والثكالى ،فضلا عن تشريد نحو عشرة ملايين شخص في الداخل ،أو اللجوء الى خارج الحدود في مخيمات بائسة ،وبعضهم مات غرقا في البحار وعبر الحدود.

الشهداء رحلوا عن الدنيا ومتاعبها وتركوا خلفهم عائلات تغرق بالحزن والعذاب، لكن المشردين واللاجئين تبدو معاناتهم مضاعفة ، لا تنحصر في قسوة العيش ونقص مستلزمات الحياة الاساسية ،والاعتماد على المساعدات الدولية بكل ما يعنيه ذلك من ذل ومهانة، بل ثمة معاناة أخطر من ذلك بكثير تتعلق بفقدان الهوية، الأمر الذي ينتج أجيالا ضائعة.

كيف يمكن لأنسان أن يعيش بلا هوية وبدون وثائق رسمية ؟ لا يمكن له أن يعيش حياة طبيعية بدونها ! هذا هو حال الاف الأطفال السوريين ، وقد وثق ذلك استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين عامي 2016 و2017 ، شمل نحو 70 % من اللاجئين السوريين ، كشف أن غالبيتم ليس لديهم بطاقة أحوال مدنية ، ويفتقرون لوثائق تتعلق بالإسكان والأراضي والممتلكات.

والأكثر تراجيدية من ذلك، أن نصف اللاجئين السوريين المتزوجين ليس لديهم وثائق زواج، وفي لبنان مثلا لم يتمكن 90 في المئة من اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع من تسجيل ولادة أطفالهم، مما يشكل حواجز هائلة أمام إثبات هوية الأطفال وتحديد أولياء أمورهم بالإضافة إلى جنسيتهم، وما يترتب على ذلك من صعوبة الحصول على التعليم والصحة وغيرها من الخدمات، وعدم القدرة على التنقل ،واحتمال تعرضهم للاعتقال أو الاحتجاز أو حتى الترحيل القسري.

وتشير «جمعية بيونيد» التي تعنى بشؤون اللاجئين السوريين في لبنان الى معاناة مزدوجة ، أحد جوانبها حالات الزواج بين اللاجئين ، التي تتم عبر رجال دين من دون تسجيلها ضمن الدوائر الرسمية ، وأن كل ما ينتج عن هذه الزيجات من أطفال هم من دون تسجيل، أما عندما يكون الزواج مسجلًا، فإنه يتعذر على السوريين تسجيل أطفالهم في السفارة أو في دائرة الأجانب ، نتيجة عدم حيازتهم أوراقهم الثبوتية.

الدول المضيفة تشكو من أعباء كبيرة تتحملها جراء استضافتها اللاجئين وتقديم الخدمات لهم ، ولا تكف عن طلب المساعدات الدولية ، وفي الاردن تشير الارقام الرسمية الى أن 20 بالمئة من سكان البلاد هم من اللاجئين ، وفي خضم البحث عن المساعدات يتم تجاهل الجانب الانساني ، الذي يقرر مستقبل أجيال من الضياع « بلا هوية» ، وجزء من مسؤولية ذلك تتحمله الدول المضيفة من حيث تسهيل اجراءات تسجيل الأطفال، والتنسيق مع الامم المتحدة لحل هذه الأزمة.

وعلينا أن نتذكر مأساة عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين ، خاصة في لبنان الذين يعانون من ظروف قاسية ، بسبب حرمانهم من العمل والتملك والحصول على الخدمات الأساسية ، كما أن اللاجئين من قطاع غزة يعانون هم أيضا ، من صعوبة الحصول على الوثائق والتنقل والخدمات في الدول المضيفة ، ومع ذلك تبدو حالتهم أفضل مقارنة مع مأساة اللاجئين السوريين.

ولا تقتصر هذه المشكلة على اللاجئين خارج البلاد ،بل في سوريا نفسها يتسبب عدم توفر وثائق قانونية ، بعقبات خطيرة أمام الحصول على المساعدة وعلى حرية التنقل، ويمنع الأسر من الفرار من مناطق القتال ، ومقابل الأثر الانساني المدمر للحرب على السوريين، يقدم النظام التسهيلات القانونية للإيرانيين ،الذين يكثفون عمليات شراء الاراضي والعقارات في دمشق والمناطق الأخرى التي تم تهجير سكانها ، ويتحدث قادمون من العاصمة السورية ،أن الايرانيين سيطروا تماما على منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، ووضعوا أيديهم على المنازل والاراضي التي هجرها أهلها السنة، في عديد من المناطق على طريقة الاستيطان الصهيوني، في عملية تغيير ديمغرافي طائفي منهجية.

النظام صنع لشعبه مأساة مروعة مع سبق الاصرار ، لم يعد يخجل من الاعتماد على الحماية الروسية والايرانية والميليشيات الطائفية، وهو مستعد لحرق الاخضر واليابس ، وحتى استقدام مستوطنين أجانب من أجل البقاء.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF