رأينا
يعكس قرار مجلس الوزراء خلال جلسته التي عقدها الثلاثاء, الموافقة على تحفيض النفقات للوزارات والدوائر والوحدات الحكومية بمبلغ 204» ملايين دينار, جدية حكومية والتزاماً واضحاً ودقيقاً ومطلوباً ايضاً بالتوجهات الحكومية المعلنة والتي التزمتها الحكومة أمام جلالة الملك في كتاب الرد على كتاب التكليف السامي بضبط وترشيد وتخفيض الانفاق الحكومي, على نحو يمكن للاردنيين ان يلمسوه على ارض الواقع وان تكون الحكومة قدوة في ضبط وترشيد النفقات وان تبدأ بنفسها اولاً, كي يكون خطابها مقبولاً أمام الشعب وكي تلتقي الافعال مع الاقوال, وبما يسمح بأن نعالج الاختلالات والعجز في الموازنة ويفتح الطريق على اخراج اقتصادنا الوطني تدريجياً من اثار وتداعيات التحديات التي تواجهه في ظل اوضاع اقليمية ودولية متسارعة التغيير والاحتمالات المفتوحة لخروجهاعن نطاق السيطرة.
القرار الحكومي جاء في توقيت مناسب ومعلل وجدي, شارحاً بالارقام قيمة التخفيض وبخاصة في موازنات الوحدات الحكومية لعام 2017 حيث قيمة التخفيض تصل الى 9ر29 مليون دينار موزعة بواقع 5ر13 مليون للنفقات الجارية و4ر16 مليون دينار للنفقات الرأسمالية, فيما شمل قرار التخفيض النفقات الواردة في قانون الموازنة العامة لعام 2017, بنحو 1ر174 مليون دينار موزعاً بواقع مائة مليون للنفقات الجارية و1ر74 مليون دينار للنفقات الرأسمالية.
هذه التفصيلات في الارقام تعكس ضمن ما تعكسه دراسة عميقة وميدانية لواقع قانون الموازنة العامة لعام 2017 الامر الذي أكده قرار مجلس الوزراء في عدم قيام الوزارات والدوائر الحكومية والوحدات الحكومية بتأجيل أي مطالبات أو مستحقات للعام المقبل جراء هذه التخفيضات.
في الوقت ذاته يمكن القول بصراحة ان قرار مجلس الوزراء اتسم بالشجاعة والمسؤولية وكان قراراً مدروساً ومحسوباً بدقة بعد أن اظهرت المراجعة التي اجراها المجلس في جلسة الاسبوع الفائت لأرقام الانفاق نجاعة الخطة الحكومية لضبط النفقات وبخاصة في ظل توجيه مجلس الوزراء بالنظر في المزيد من الخطوات ومراجعة سقوف النفقات بهدف تخفيضها وهو ما حصل فعلاً في قرار المجلس يوم اول من امس.
كذلك يكتسب قرار مجلس الوزراء الموافقة على اعتماد عدد من المشاريع, كمشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص, اهمية اضافية في التأكيد على حقيقة ما كان جلالة الملك عبدالله الثاني دأب وبمثابرة التأكيد عليه وهو اهمية الشراكة بين هذين القطاعين وبما يخدم مسيرة الاصلاح ويعود بالنفع على الوطن والمواطن واقتصادنا الوطني, وهي توصية كان مجلس الشراكة بين القطاعين العام والخاص قد نسب الموافقة عليها وهذا ما تم, وبخاصة ان المشروعات التي تم الموافقة على شراكة القطاعين فيهما هي مشروعات حيوية وحساسة وذات اثر بعيد على تقدم قطاعات عديدة كالمواصلات (مشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء وداخل امانة عمان) كذلك قطاع الطيران (مشروع استثمار وتأهيل وتطوير مطار عمان المدني/ ماركا) والتعليم العالي (بناء حديث لكلية العلوم في جامعة الطفيلة التقنية) وغيرها من المشروعات التي وردت في قرار جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي.
قرار تخفيض النفقات الحكومية بهذا المبلغ الكبير نسبياً ينطوي على جرأة وشجاعة وخطوة في الاتجاه الصحيح نأمل أن تتبعها خطوات جادة اخرى تزيد من الثقة بأن الامور في بلدنا سائرة نحو تحقيق الاهداف الطموحة التي تسعى اليها وبخاصة في التقليل من الاختلالات والعجوزات في الموازنة العامة.