رأينا
اضاءت الورقة النقاشية السابعة التي نشرها جلالة الملك عبدالله الثاني مؤخراً، على جملة من الحقائق والملفات والقضايا ذات الصلة بالمسيرة التعليمية والتربوية الاردنية، وعلى نحو بدا فيه النقاش الذي اعقب نشر الورقة الملكية لافتا ومثيرا، سواء في ردود الفعل الايجابية التي رحّبت بمضامين الورقة الملكية ووجدت فيها فرصة لمزيد من النقاش والحوار الجاد والعملي المبني على اسس واضحة ورغبة صادقة في التقدم خطوة بل خطوات نوعية الى الامام لمواكبة تحديات العصر بأدواته المعرفية الجديدة، اذا ما اردنا بالفعل منح كل اردني فرصة التعلم والابداع التي يستحقها، ام على المستوى الوطني والاهتمام الشعبي الذي قوبلت به الورقة كون مضامينها ومقاصدها تعني كل بيت اردني الامر الذي يزيد من الثقة بان الرؤية الملكية في هذا الشأن ستستحق وبخاصة في ما اوردته الورقة من اننا نريد ان نرى مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، مصانع للعقول الامر الذي لن يتحقق الا بمناهج دراسية تفتح ابواب التفكير العميق.
نحن إذاً امام ورقة نقاشية جاءت في توقيت مناسب ومقصود واضفت على النقاش الوطني المتواصل حول هذه المسألة حيوية وجدية وعمقا تسمح للجميع بان ينظروا الى الموضوع بما يستحقه من مسؤولية وطنية وان يمنحوه الاولوية على اجندتهم الشخصية والاجتماعية والوطنية واعتراف من ابناء شعبنا كافة بانه ليس مقبولا ان نسمح للتردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث ان يتسلل الى صفوفنا وعقولنا وان التغيير كما قالت الورقة الملكية يفرض نفسه ويثبت ذاته ويمضي غير عابئ بمن يخشونه.
الورقة النقاشية السابعة كرّست حضورا ملكيا حيويا ومباشرا في ملف وطني عميق الاثر والتأثير بامتياز في مستقبل وطننا وشعبنا ولهذا حرص جلالته التأكيد والتعبير عن سعادته بهذا النقاش الدائر حول مواردنا البشرية وتعليم بناتنا وابنائنا، بما هو الموضوع الذي يمس مستقبل امتنا الامر الذي اعلن جلالته بوضوح وحزم انه يدعمه كل الدعم حتى يؤتي ثماره بالتنفيذ والاصلاح كعلامة وعي وتيقظ، ومبعث امل وارتياح.
لهذا ايضا قال جلالته بكل شفافية ومحبة لابناء وبنات شعبه: لا بد ان نعمل دون تردد او تأخير يدا واحدة، مؤسسات ومعلمين، طلبة واهالي لنحقق مبتغانا.. اذ ان لكل يوم يمضي، تمضي به فرصة لابنائنا في تحقيق ما يستحقون فلا نضيعها عليهم.
هنا يضع جلالته الاصبع على جرح الحقيقة التي يجب ان نعيها جميعا وهي ان كل عصر ادواته ووسائله وهمومه ومشاكله، فالتعليم في عصرنا الحديث الذي يشهد تطورا هائلا في التكنولوجيا لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والانترنت، الى اتقان لغات عالمية اساسية وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية والقدرة على التحليل والتفكير، ليكون قادرا على المشاركة في انتاج المعرفة والمساهمة في احداث التقدم.
ولأن جلالة الملك يأخذ كعادته الأمور بجدية كاملة ونظرة شمولية لأي مسألة او قضية يطرحها للنقاش العام في اي شأن وطني فانه في الورقة النقاشية السابعة يدعو بأبوية وحرص شديد المؤسسات التعليمية ان تؤمن بما يتمتع به ابناء هذا الشعب وبناته من طاقات هائلة وقدرات كبيرة ومواهب متنوعة، لتسعى لاكتشاف هذه الطاقات وتنمية تلك القدرات وصقل تلك المواهب وتحفيزها الى اقصى حدودها عبر احدث الاساليب التعليمية التي تشجع على الفهم والتفكير والفهم، لا التلقين، وتجمع بين العلم والعمل والنظرية والتطبيق والتحليل والتخطيط وتفتح آفاقاً رحبة امام ابنائها ليتفوقوا في كل مادة وينبغوا في كل فن او مهنة او حرفة.
الورقة النقاشية السابعة، حدّدت الاطر والمهمات والاهداف والغايات وترك للنقاش والحوار الوطني، ان يأخذ مداه لتحقيق هذه الاهداف النبيلة التي لا يختلف عليها اثنان في بلدنا وبخاصة في ادراك الجميع ان تحقيق الاصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية وان الاستثمار في ابنائنا هو عماد نهضتنا.