د. أسامة الفاعوري
...من السهل أن تكره ومن الصعب أن تحب، هكذا تسير الأمور، كافة الأمور الجيدة يصعب تحقيقها، والأمور السيئة يسهل الحصول عليه( كونفوشيوس). دانيال بايبس مؤلف ومؤرخ أمريكي متخصص في نقد الإسلام والعرب، بايبس هو مؤسس ومدير مركز أبحاث ومنتدى الشرق الأوسط، وكذلك مؤسس كامبس وتش (Campus Watch) وهي منظمة مثيرة للجدل تدعّي نقدها للدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط، ولكن الكثير من المثقفين والباحثين يصفونها بأنها منظمة لمضايقة الباحثين والعلماء الذين ينتقدون إسرائيل.
...كتب في يوم 8/ 3/ 2017 مقالة بعنوان «الأردن على شفير الهاوية»...هكذا تحدث العاهل الأردني الملك عبدالله منذ نصف عام «نحن في حالة يُرثى لها»، وبعد أسبوع قد اكتمل للتو من السفر المكثف والمناقشات التي جرت في جميع أنحاء الأردن، يتضح أن أحداً لا يختلف مع هذا التقييم. قد لا يكون الأردن مفرطاً في الضعف وتحت حصار، كما كان في العقود الماضية، إلا أنه يواجه مشاكل ربما لم يسبق لها مثيل.
...ثم يضيف تتعدد الإخطار اليوم، تتربص داعش في سوريا والعراق، خلف الحدود تماماً، وهى ذات جاذبية بالنسبة لأقلية صغيرة، وقد انهارت تقريباً التجارة التي كانت منتعشةً في الماضي مع هذين البلدين – وانهار معها دور النقل المربح في الأردن. وفي منطقة غنية بالنفط والغاز، يبقى الأردن أحد البلدان القليلة جداً التي لا تملك موارد بترولية تقريباً. يتلقى سكان المدن الماء يوماً واحداً فقط في الأسبوع، وسكان القرى أقل من ذلك في الغالب. وانخفضت السياحة بفضل التقلبات السيئة السمعة في منطقة الشرق الأوسط..
... تبقى القضية الجوهرية للهوية دون حل، كبلد من بلاد الهجرة الكثيفة والمتكررة لأكثر من مائة سنة (تتجاوز حتى الأعداد الذاهبة إلى إسرائيل)، فقد استقبل موجات من الفلسطينيين (في أعوام 1948-1949، و1967، و 1990-1991) والعراقيين في عام (2003) والسوريين (منذ عام 2011). يشكل الفلسطينيون، كما تشير معظم التقديرات، الغالبية العظمى من سكان البلاد، ويمثلون الشِق الأعمق. ومن الشائع أن نتكلم عن «أردنيين» و «فلسطينيين» على الرغم من أن الفلسطينيين هم مواطنون وأحفاد لمواطنين. وهذا يشير إلى أن الشعور بالانفصال عن التفوق على الشعوب ذات الطبيعة القبلية في غالبيتها للضفة الشرقية لم يتضاءل بمرور الوقت، ولا سيما لا عندما حقق الفلسطينيون النجاح الاقتصادي.
...وأخيراً، لا بد من الرد على بايبس الذي يملأ قلبه حقداً على العرب ككل، وعلى الدول المحيطة بحبيبة قلبه والطفل المدلل إسرائيل بشكل خاص، ينتقدها تارة، ويصفها بالدول الارهابية تارة اخرى، ويعتبر أن إسرائيل هي الدول الوحيدة في الإقليم التي نستطيع وصفها بالدولة الديمقراطية، والتي يجب أن تحيا ويموت الاخرون، ولكن كل ذلك لا يهمنا من قريب أو بعيد، ولكن الإفتراء على الاردن هو ما يهمنا، أولاً لم نقّدم للسيد بايبس أي طلب مساعدة منه أو من الدولة التي يعيش على أرضها، ثانياً أنت لا تعرف العائلة الحاكمة في الاردن فهذه العائلة تمكّنت من الحكم في الاردن لأنها لاتعرف اليأس، ولأنها تعيش مع الشعب وهمومه، وما ذكرت عن قول الملك عبدالله على أننا على شفير الهاوية، أوكد لك انه كلام مُختلق، فقد مررنا بظروف أصعب من هذه ولم يكن أي من ملوك هذه العائلة مُحبط أو مُنهزم، بل على العكس، كانت الظروف السئية تقوّيهم وتقوّينا معاً. أما بالنسبة لإقتصادنا، فأنت أعلم وأنت تقبع في أمريكا التي تُهيل المساعدات على إسرائيل وغيرها من الدول، أن إقتصادها كان في يوم من الايام في مهب الريح، والاردن ليس حالة إستثنائية، فقد تأثر الاقتصاد نتيجة الظروف المحيطة، ولكن هذا لا يجوّعنا ولا يخوّفنا. أما بالنسبة للضرب على وتر المهاجرين الى الاردن، وذكرك الملاحظة التي تخص الفلسطينيون بالذات! والتي تفوح منها رائحة المكر والدهاء والخبث، أطمئنك أن الاردن لكل العرب والانسانية جمعاء، ونفتح قلوبنا ونمد أيدينا الى كل شريف ومحب لهذا البلد مهما كانت أصوله أو ديانته أو عرقه.
[email protected]